منتديات مدائن البوح

منتديات مدائن البوح (https://www.boohalharf.com/vb/index.php)
-   المكتبة الأدبية ونبراس العلم (https://www.boohalharf.com/vb/forumdisplay.php?f=10)
-   -   قِصة سمعتها من حفيد صاحب الشأن _ ضربني وبكى _ بِتَصَرف . (https://www.boohalharf.com/vb/showthread.php?t=11247)

مُهاجر 11-21-2022 06:54 AM

قِصة سمعتها من حفيد صاحب الشأن _ ضربني وبكى _ بِتَصَرف .
 
حصل بالأمس موقف جعلني أقلب تلك التجارب والمواقف ،
التي مرت على أولئك الذين نالت قلوبهم السكينة ،

فجعلوا من الإساءة تمر عليهم بردا وسلاما ،
لم تضرهم بشيء ، بل كان لها الأثر في
قلب حال ذلكَ المسيء ،
إذ قوبل ذلكَ التعدي بالإحسان ،


فما كان من حال المعتدي إلا أن صار ولي حميم ،
هو منهج القرآن من تمسك به وجعله دستور حياة
غنم ونعم براحة البال ، ونام قرير العين هانيها ،

" وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي
هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ
" .


لم يعمدوا للإنتقام ،
بل غيروا بذلك مجرى الحياة لأولئك المعادون ،
الذين كان يجري الحقد والحسد في دواخلهم ،
كما يجري الدم في العروق !

حينها تذكرت تلك القصة التي قصها علي
أحد الأساتذة الفضلاء عن جده ،
وهو من علماء أهل عمان النجباء ،



يَحكي عن جده أن كان يٌعاديه أحد أقرانه من العلماء ،
وكان يشكوه لإمام ذلكَ الزمان ،
يكيل له التهم ويلفقها له ،
لتكون صورة ذلك العالم العامل مشوهة عند الإمام ،

حتى أمر له الامام بالسجن ، مع يقين الامام
باستقامة ذاك العَالم ، إلا انها كانت
غاية في نفس الامام لم يُبدها له .

فما كان من الأخير إلا الاحتساب والصبر ،
مرت الأيام وهو في السجن ،
وعنده خروجه ...
انقطعت عن ذلكَ العَالم الصابر أخبار
من كان يكيد له ، ويحيك له الدسائس ،
فأخبر أبناءه إني اشتاق لرؤية فلان !

تعجب الأبناء من أمره وقالوا :
أتشتاق لمن يشوه صورتك ،
ويتربص بك الدوائر ؟!

قال :
لنذهب لزيارته في بيته ،
فعندما وصلوا عند باب بيته طرقوا الباب ،
فلما فتح لهم قال العالم :
هل الشيخ فلان موجود ؟

قال من فتح الباب :
لا سيعود بعد قليل ؟

قال العالم :
إذا أخبره بأن فلان ينتظره في المسجد
_ كان قريباً من بيته ذلك المسجد _ ،

وعند عودت ذلكَ الشيخ لبيته ،أخبره ابنه بأن رجلا سأل عنه ،
وسماه بإسمه ، وهو ينتظرك في المسجد ،

حينها نزلت عليه تلك الزيارة كالصاعقة ،
فتمثلت تلك الحيل ، والتهم أمامه ،
تسير كشريط الذكريات ،

فما كان منه إلا أن جاء بحبل ولفه على عنقه ،

فقال لإبنه :
خذني إلى المسجد ، وأنت تجرني كما تجر الشاة ،
فعندما رأى العالم الصابر انكب يقبل رأسه ،
ويستسمح منه على ما بدر منه ،
وناله من شر ،

ومن يومها ،
سار سيرة حسنه ،
ليكون " ولياً حميما "
لذلك العَالم العامل .




الدروس المستفادة من تلكم القصة ؛
_ للنجاح والتفوق ضريبة وضريبته ظهور الحاسدين ؛
والحاقدين ، والمثبطين ، والمفتربن .

- الحقد والحسد لا يستثني الحلول في أي أحد ،
حتى ولو كان ذلكَ الشخص من العلماء أو النساك .
- لا يتورع الحاسد من إتيان أي افتراء ،
أو اتهام ولو كان فيه نهاية أجل ذلكَ المحسود .

- الحاسد لا يجعل لنفسه ساعة مراجعة ،
ومحاسبة بل يكون مشغول البال برسم الخطط الجديدة ،
لينال من الخصوم .

- لا يذكر ولا يحاول تذكر المخاصم الحسنات ،
أو الإيجابيات لذلك الخصم ، وكأنه بذلك يحاول
تجريده من المعطيات ، التي قد تشفع له
عند ذلكَ المخاصم .

- في شأن ذلكَ العالم الصابر ؛
فقد جعل من نجاحه وقاية من هجوم الخصوم ،
فقلبه مطمئن بالإيمان .

- نزع من قلبه ونفسه شهوة الإنتقام ،
والرغبة في التشفي ، والرد بالمثل .

- تشرب قلبه بالإيمان وأخذ معالجة الأمر من صيدلية القرآن .
جعل من أخلاقه وسيرته الحسنة ،
هي من تدافع عنه عند غيابه .

- عندما غاب عنه ذلكَ المعتدي عليه ،
وجدها فرصة كي يغير عقلية ،
ونفسية ذلكَ المعتدي ،

فكانت الزيارة هي القاضية ،
التي تقضي على ذلكَ الحاجز ،
الذي شيده ليكون حائلا يعيق التواصل ،
والتوصل لقبول الآخر .

- ما كان من ذلكَ المعتدي عند سماعه
لمقدم ذلكَ العالم ، إلا الرجوع للحق ،
والإعتراف بالخطأ _ هنا تُحسب له _ .




في المحصلة :
" أن الإنسان عليه أن يعامل الناس بأخلاقه هو ،
لا بتصرفات وأفعال غيره ، وليكون له منهجٌ واضح ،
ليكون له ميزان ، يَزِن به الأمور
" .


مُهاجر

بُشْرَى 11-21-2022 06:00 PM

رد: قِصة سمعتها من حفيد صاحب الشأن _ ضربني وبكى _ بِتَصَرف .
 
.
.
تروق لي الكتابات المتأملة ذات معنى ..
شكرا لخلاصتك وإجمال المستفاد هنا
رائع بكل المقاييس الأدبية
لا تنطق إلا بما يؤكد أدبيات الأديب

مكافأة تستحقها ...
شكرا ليراعك

النقاء 11-21-2022 07:05 PM

رد: قِصة سمعتها من حفيد صاحب الشأن _ ضربني وبكى _ بِتَصَرف .
 
أن الإنسان عليه أن يعامل الناس بأخلاقه هو ،
لا بتصرفات وأفعال غيره ، وليكون له منهجٌ واضح ،
ليكون له ميزان ، يَزِن به الأمور " .



هنا وكفى درر للمعنى وللحياة والواقع

رائع بكل المعاني يامهاجر الفكر

شكرًا لروحك الجميلة

فاطمة 11-22-2022 08:21 PM

رد: قِصة سمعتها من حفيد صاحب الشأن _ ضربني وبكى _ بِتَصَرف .
 

سطور زاهية بالمعرفة
طرح يزيدنا ألقا
ريحانة لقلبك


الساعة الآن 11:51 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
مجتمع ريلاكس

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم وتطوير نواف كلك غلا

1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47