تحوُّل .... قصة قصيرة
بكيتُ عندما قرأ ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله ) ، اختنق صوته بين عبراته وأجهش بالبكاء ، كان صوته شجيا ذا نبرة تشعرك بالطمأنينة وتدثرك بالخشوع ، تمالكت نفسي بعد أن تمالك دموعه وأكملت الصلاة وأنا أتحسس قطرات المطر التي كانت تتساقط من سقف سطح الجامع الخشبي المهترئ .
كان اليوم ماطرا مما جعل الغيوم تخدعني فاعتقدت أن الوقت مازال باكرا ولم أنهض كعادتي للتبكير إلى الجمعة فعقد الشيطان على رأسي عقدتين لكني غلبته في الثالثة ونهضت . بعد انتهاء الصلاة نزلت إلى الدور الأرضي للجامع وصليت ركعتين ثم توجهت إليه بالسلام ، ثم بادرته بالسؤال عن أحواله وأسرته ومضيت أتأمل ذلك النور الذي تجلى في محياه ، ولا يضاهي ذلك النور بهاء إلا بهاء غترته البيضاء المتدلية على رأسه وكتفيه وثوبه الأبيض الفضفاض الذي يبهرك بأناقته وجماله ، أدهشني ما رأيت ، نعم ذاك هو نور الإيمان وتلك هي هيبة القرآن الربانية التي تتجلى على محيا من تعلق قلبه بالله . بادرني بالقول : يبدو أنك تعرفني جيدا ، إذاً من أنت ؟ قلت له : نعم أعرفك ، أنا ....... قال : ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، كيف حالك وحال أسرتك ؟ وأخذ يكبر ويهلل فرحة بهذا اللقاء الذي أتى بعد فترة طويلة لم نلتق فيها ببعض ، ثم اقترب يتحسسني وعانقني عناقا حارا لم تطفئه دموعنا المنهمرة وكأنها تذكرنا بما مضى من أيامنا الخوالي . دعوت له بالتوفيق وأن يبارك الله دربه وخطاه ويجزيه خير الجزاء ويتجاوز عما سلف ، أسمعني شيئا مما يحفظه من كتاب الله تعالى ــــ الذي أوشك على إتمام حفظه ـــــ هنأته على هذا الإنجاز العظيم حفظا وحسن تلاوة وتجويدا وإلماما ثم طلب مني أن أسمعه فأسمعته مما أحفظ . ودعته وانصرفت فرحا مستبشرا بحاله الذي تغير ــــــ كليا ـــــــ بفضل الله وتوفيقه متذكرا أيام أن اختطفه منا رفقاء السوء وأردوه في مزالق الشيطان ودروب المهالك والعقوق والأفعال المحرمة ، بعد أن ضرب بجميع نصائحنا ومحاولاتنا لإثنائه عن ذلك عرض الحائط ، وبسبب عناده وإصراره فقد بصره نتيجة لشراب مسموم ، لكن التوبة تجب ما قبلها . مرت الأعوام بعد أن تفرقنا في الأحياء الحديثة التي أجبرتنا عليها التنظيمات البلدية . في يوم جمعة ــــ مصادفة ـــــ سمعت طرقا شديدا على بابي ، فتحت الباب وإذا به يسأل عن منزل أحد الجيران في الحي الجديد ولا يدري من أنا ، أمسكت بيده ولم أتكلم ؛ حتى لا يعرف صوتي وأوصلته وجهته ، عدت إلى منزلي وأنا أبكي من شدة الحزن والألم ؛ لأنه لم يكن الإنسان الذي قابلته في الجامع ! . *** >::>::>:: |
رد: تحوُّل .... قصة قصيرة
للختم والنشر اولا
ومنحك مكافأة القصة ولي عودة عميد الأدب الغيث |
رد: تحوُّل .... قصة قصيرة
ولله في ذلك حكمة
شكرًا على هذه العظة الرائعة بسردها وصدق حدوثها, |
رد: تحوُّل .... قصة قصيرة
يبدل الله من حالٍ إلى حال، قد بفسد الزمن كثير من الأشياء وثباتها أبدعت، رعاك ربي |
رد: تحوُّل .... قصة قصيرة
في آخر القصة تاهت مني الفكرة هل عاد للجهل ثانية لم اعد أدري
أشكرك |
رد: تحوُّل .... قصة قصيرة
🍃 لا حول ولا قوة الا بالله … قصة مؤثرة للعظة والعبرة … اللهم لا تجعلنا عبرة لغيرنا … بورك هذا النبض 🌷🌷
|
رد: تحوُّل .... قصة قصيرة
.
. عندما تطرق كتاباتك باب العظة والعبرة أجدك تتألق كما هنا قصة محبوكة بإتقان .. رائع أيها الغيث .. طاب بك البيان كل التقدير |
رد: تحوُّل .... قصة قصيرة
الحزن يفتك بك
أحسنت في الصياغة |
رد: تحوُّل .... قصة قصيرة
اقتباس:
بوركت والود >::>:: |
رد: تحوُّل .... قصة قصيرة
اقتباس:
وشكرا لحضورك الجميل وهذه المواقف تأخذ منه العبر والموعظة لروحك السلام >::>:: |
الساعة الآن 01:45 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
مجتمع ريلاكس