الغيث
07-04-2022, 12:04 AM
الحكاية الشعبية
لو نظرنا إلى معنى حكاية ــــــ بمفهومها العام ـــــ في معاجم اللغة لوجدناها تعني :
حِكاية ( اسم ):
الحِكايةُ : ما يُحْكَى ويُقَصُّ ، وَقَعَ أو تُخُيِّلَ
الحِكايةُ : اللَّهجةُ
حَكَى ( فعل ):
حكَى يَحكِي ، احْكِ ، حِكايةً ، فهو حاكٍ ، والمفعول محكِيّ
حَكَى قِصَّةً : رَوَاهَا
يَحْكِي أَحْدَاثاً عَاشَهَا : يَصِفُهَا
حَكَى عَنْهُ أحَادِيثَ طَرِيفَةً : نَقَلَهَا عَنْهُ ، أوْرَدَهَا
حَكَى زَمِيلَهُ فِي آرَائِهِ : أتَى بِمِثْلِهَا
حَكَى رَفِيقَهُ : شَابَهَهُ
يُحكَى أنَّ : عبارة تقال عند البدء برواية قصَّة أو حديث
حَكَى الشيءَ : أَتى بمثله
حَكَاه : شابَهَه
حكَى عليه : نمَّ
حكَى مع فلان : تكلَّم معه
وإن أضفنا مفردة ( الشعب ) لهذا المفهوم أصبحت ( حكاية شعبية ) ، أما إذا أضفنا مفردة ( خرافة ) حينها تصبح ( حكاية خرافية ) ، وهكذا تتعدد أنواع الحكايات :
حكاية الجانّ : تتناول كائنات فوق الطبيعة .
حكايات خُرافيّة : من نسج الخيال ، لا وجود لها في الواقع .
حكاية رمزيّة : ترمي إلى إبراز مغزى خلقيّ ويكثر فيها استعمال الحيوانات كرموز إنسانيّة .
حكاية شعبيّة : تتناقلها العامّة من النّاس ذات طابع فولكلوريّ .
أما معنى الحكاية الشعبية اصطلاحا فيمكنني القول ـــــ وفق ما اطَّلعتُ عليه من دراسات وتعريفات ومفاهيم ــــــ بأن الحكاية الشعبية هي : تلك الحكاية التي تروى شفهيا من الحاكي للمستمع ، وقد كانت منتشرة منذ القدم ، ويكون الخيال لاعبا أساسيا فيها ، بل هو المنهل المغذي لأحداثها وفصولها ، وتدور هذه الحكاية حول الصراع بين الخير والشر ، أو البطولات والتضحية ، وقد تُطَعَّم ببعض المكايد بين الجن والإنس ، وقد يتربع عنصر البطولة على رأسها ، وغالبا ما تنتهي هذه الحكاية بانتصار الخير على الشر .
وقد أورد الدارسون والباحثون في مجال الأدب الشعبي عامة ، والحكاية الشعبية خاصة عدة مصطلحات لها نذكر منها :
ما ذهب إليه الأستاذ ( فوزي العنتيل ) إذ يقول : (( بما أن السمة الأساسية للحكاية الشعبية هي كونها مأثورة ، إذن فمن الممكن تلخيص مفهوم الحكاية الشعبية بأنها الحكاية النثرية المأثورة التي انتقلت من جيل إلى جيل ، سواء كانت مدونة ، كأن تظل القصة تروى بواسطة مؤلف نقلا عن مؤلف آخر ، أم اعتمدت على الكلمة المنطوقة التي تنتقل من شخص لآخر ، بمعنى أن الحكاية تظل تسمع وتروى بإضافات أو بدون إضافات أو تغييرات يدخلها الراوي الجديد عليها )) .
وتعرِّف الأستاذة ( فاطمة الحوطي ) الحكاية الشعبية بأنها : (( حكاية تنقل مشافهة وتتوارثها الأجيال ، وليس لها مؤلف واحد ، كما أن مؤلفها غير معروف ، وهذا ما يعطي الراوي الذي يقوم بأدائها هامشا من الحرية في التصرف والتغيير ، وإدخال محسنات تشبيهية أو تشويقية على تلك الحكاية ، مع حفاظه على الحكاية الأصلية ، وقد تروى الحكاية في المكان الواحد بطرق مختلفة ، وقد يرويها اثنان في مكان واحد بطريقتين مختلفتين ، كما أنه بمقدور أي راو الحذف والإضافة وفق ما تمليه عليه ذاكرته ، وما يراه يشد سماع المتلقي )) .
أما الدكتورة ( نبيلة إبراهيم ) فلم يختلف تعريفها للحكاية الشعبية عن التعريفات السابقة ، إلا أنها اعتمدت على المعاجم الأجنبية في هذا التعريف إذ تقول ــــــ ترجمة للمعاجم الألمانية ـــــــ بأنها الخبر الذي يتصل بحدث قديم ينتقل عن طريق الرواية الشفوية من جيل لآخر ، أو هي خلق حر للخيال الشعبي ينسجه حول حوادث مهمة وشخوص ومواقع تاريخية .
أصول الحكاية الشعبية :
من الصعب تحديد أصل الحكاية الشعبية ومكان نشأتها ، ويعود ذلك لاختلاف الآراء حول هذا الموضوع ، فمن الباحثين من يقول أن أصلها بلاد الهند ، ومنهم من يرى أن أعمال ( الأخوين جريم ) هي واضعة الأساس لدراسة الخرافة والقصص الشعبية ، لكنْ هناك آخرون يعتقدون أنها من بقايا أسطورية أو أفكار أو معتقدات كانت تروى من آلاف السنين ( عصر الإنسان البدائي ) تطورت وتغيرت بفعل العوامل التي أدت إلى تطور ذلك الإنسان ، ثم أتى من يؤيد فكرة الأخوين ( جريم ) ونظريتهما التي تنسب أصول هذه الحكايات إلى الأصل الهندوجرماني .
أما العالم ( ثيدور بنفي ) صاحب النظرية الهندية والانتشار فقد توصل إلى نظرية : أن الحكايات الشعبية نِشأت أصلا في الهند ، ويعتقد أن الديانة البوذية قد استخدمتها للتهذيب والتربية والتقويم ، ثم انتشرت غربا إلى أوربا وشرقا إلى الصين ، وأكد أن هذه الحكايات يمكنها الانتشار من خلال هجرات الناس وتنقلاتهم من مكان لآخر .
أما الدكتور ( محمد فهمي عبد اللطيف ) فيرى أن الحكاية الشعبية قد نشأت على امتداد الحدوثة كمرحلة ثانية في حياة الإنسان القصصية ، بعد أن نمت مقدرته على السرد والتخيل والمحاكاة والتعبير ، وبعد أن كثرت مصالحه ومطالبه في مجتمع تعددت أفراده وجماعاته ، وصارت له تقاليده وأوضاعه .
لكنْ العالمان : ( س . ب . تيلور ) و ( أندرولنج ) يؤكدان صعوبة تحديد موطن أصلي للحكاية الشعبية ، فهي ملك للشعوب جميعا ولسان حالها ، ولأن البشر يعيشون ظروفا حيوية متشابهة ، وفي بيئات متماثلة ( مهما بعدت المسافات بينها ) ، وعادات وتقاليد ومعتقدات متقاربة ذات نمط عام وسياق واحد ، حتى وإن اختلفت في التفصيلات والوجوه والجوانب فإن حكاياتها ستكون متقاربة ومتماثلة في الإطار العام مع وجود اختلافات متباينة في الجزئيات والمسميات والقيم .
ويتوافق مع هذا الرأي العالم : ( ناثانيل هوثورن ) إذا يقول : إن هذه الأساطير ليست ملكا لزمان بعينه أو لقوم دون سواهم ، إنها ملك للعالم كله وللزمان كله ، ولا يملك اليونان الحق فيها ، وكان ناثانيل هوثرون قد أقدم على جمع الأساطير اليونانية القديمة في كتابين : الأول بعنوان : ( كتاب العجائب 1851م ) و الثاني ( قصص تانجلوود 1853م ) .
ومما تقدم ندرك سبب تشابه وتوافق الكثير من الحكايات الشعبية عند الشعوب المختلفة .
***
>::>::>::
...............................................
= معجم المعاني الجامع .
= فوزي العنتيل ، عالم الحكايات الشعبية ، ص 18.
= ــــــ فطمة محمد الحوطي ، حكايات شعبية من البحرين ، ص 7 .
= نبيلة إبراهيم ، أشكال التعبير في الأدب الشعبي ، ص 91 .
= محمد فهمي عبد اللطيف مجلة الفنون الشعبية ، ص 42 .
= ناثانيل هوثرون ، كتاب العجائب ، ترجمة الدكتورة سهير القلماوي ، ص 62 .
لو نظرنا إلى معنى حكاية ــــــ بمفهومها العام ـــــ في معاجم اللغة لوجدناها تعني :
حِكاية ( اسم ):
الحِكايةُ : ما يُحْكَى ويُقَصُّ ، وَقَعَ أو تُخُيِّلَ
الحِكايةُ : اللَّهجةُ
حَكَى ( فعل ):
حكَى يَحكِي ، احْكِ ، حِكايةً ، فهو حاكٍ ، والمفعول محكِيّ
حَكَى قِصَّةً : رَوَاهَا
يَحْكِي أَحْدَاثاً عَاشَهَا : يَصِفُهَا
حَكَى عَنْهُ أحَادِيثَ طَرِيفَةً : نَقَلَهَا عَنْهُ ، أوْرَدَهَا
حَكَى زَمِيلَهُ فِي آرَائِهِ : أتَى بِمِثْلِهَا
حَكَى رَفِيقَهُ : شَابَهَهُ
يُحكَى أنَّ : عبارة تقال عند البدء برواية قصَّة أو حديث
حَكَى الشيءَ : أَتى بمثله
حَكَاه : شابَهَه
حكَى عليه : نمَّ
حكَى مع فلان : تكلَّم معه
وإن أضفنا مفردة ( الشعب ) لهذا المفهوم أصبحت ( حكاية شعبية ) ، أما إذا أضفنا مفردة ( خرافة ) حينها تصبح ( حكاية خرافية ) ، وهكذا تتعدد أنواع الحكايات :
حكاية الجانّ : تتناول كائنات فوق الطبيعة .
حكايات خُرافيّة : من نسج الخيال ، لا وجود لها في الواقع .
حكاية رمزيّة : ترمي إلى إبراز مغزى خلقيّ ويكثر فيها استعمال الحيوانات كرموز إنسانيّة .
حكاية شعبيّة : تتناقلها العامّة من النّاس ذات طابع فولكلوريّ .
أما معنى الحكاية الشعبية اصطلاحا فيمكنني القول ـــــ وفق ما اطَّلعتُ عليه من دراسات وتعريفات ومفاهيم ــــــ بأن الحكاية الشعبية هي : تلك الحكاية التي تروى شفهيا من الحاكي للمستمع ، وقد كانت منتشرة منذ القدم ، ويكون الخيال لاعبا أساسيا فيها ، بل هو المنهل المغذي لأحداثها وفصولها ، وتدور هذه الحكاية حول الصراع بين الخير والشر ، أو البطولات والتضحية ، وقد تُطَعَّم ببعض المكايد بين الجن والإنس ، وقد يتربع عنصر البطولة على رأسها ، وغالبا ما تنتهي هذه الحكاية بانتصار الخير على الشر .
وقد أورد الدارسون والباحثون في مجال الأدب الشعبي عامة ، والحكاية الشعبية خاصة عدة مصطلحات لها نذكر منها :
ما ذهب إليه الأستاذ ( فوزي العنتيل ) إذ يقول : (( بما أن السمة الأساسية للحكاية الشعبية هي كونها مأثورة ، إذن فمن الممكن تلخيص مفهوم الحكاية الشعبية بأنها الحكاية النثرية المأثورة التي انتقلت من جيل إلى جيل ، سواء كانت مدونة ، كأن تظل القصة تروى بواسطة مؤلف نقلا عن مؤلف آخر ، أم اعتمدت على الكلمة المنطوقة التي تنتقل من شخص لآخر ، بمعنى أن الحكاية تظل تسمع وتروى بإضافات أو بدون إضافات أو تغييرات يدخلها الراوي الجديد عليها )) .
وتعرِّف الأستاذة ( فاطمة الحوطي ) الحكاية الشعبية بأنها : (( حكاية تنقل مشافهة وتتوارثها الأجيال ، وليس لها مؤلف واحد ، كما أن مؤلفها غير معروف ، وهذا ما يعطي الراوي الذي يقوم بأدائها هامشا من الحرية في التصرف والتغيير ، وإدخال محسنات تشبيهية أو تشويقية على تلك الحكاية ، مع حفاظه على الحكاية الأصلية ، وقد تروى الحكاية في المكان الواحد بطرق مختلفة ، وقد يرويها اثنان في مكان واحد بطريقتين مختلفتين ، كما أنه بمقدور أي راو الحذف والإضافة وفق ما تمليه عليه ذاكرته ، وما يراه يشد سماع المتلقي )) .
أما الدكتورة ( نبيلة إبراهيم ) فلم يختلف تعريفها للحكاية الشعبية عن التعريفات السابقة ، إلا أنها اعتمدت على المعاجم الأجنبية في هذا التعريف إذ تقول ــــــ ترجمة للمعاجم الألمانية ـــــــ بأنها الخبر الذي يتصل بحدث قديم ينتقل عن طريق الرواية الشفوية من جيل لآخر ، أو هي خلق حر للخيال الشعبي ينسجه حول حوادث مهمة وشخوص ومواقع تاريخية .
أصول الحكاية الشعبية :
من الصعب تحديد أصل الحكاية الشعبية ومكان نشأتها ، ويعود ذلك لاختلاف الآراء حول هذا الموضوع ، فمن الباحثين من يقول أن أصلها بلاد الهند ، ومنهم من يرى أن أعمال ( الأخوين جريم ) هي واضعة الأساس لدراسة الخرافة والقصص الشعبية ، لكنْ هناك آخرون يعتقدون أنها من بقايا أسطورية أو أفكار أو معتقدات كانت تروى من آلاف السنين ( عصر الإنسان البدائي ) تطورت وتغيرت بفعل العوامل التي أدت إلى تطور ذلك الإنسان ، ثم أتى من يؤيد فكرة الأخوين ( جريم ) ونظريتهما التي تنسب أصول هذه الحكايات إلى الأصل الهندوجرماني .
أما العالم ( ثيدور بنفي ) صاحب النظرية الهندية والانتشار فقد توصل إلى نظرية : أن الحكايات الشعبية نِشأت أصلا في الهند ، ويعتقد أن الديانة البوذية قد استخدمتها للتهذيب والتربية والتقويم ، ثم انتشرت غربا إلى أوربا وشرقا إلى الصين ، وأكد أن هذه الحكايات يمكنها الانتشار من خلال هجرات الناس وتنقلاتهم من مكان لآخر .
أما الدكتور ( محمد فهمي عبد اللطيف ) فيرى أن الحكاية الشعبية قد نشأت على امتداد الحدوثة كمرحلة ثانية في حياة الإنسان القصصية ، بعد أن نمت مقدرته على السرد والتخيل والمحاكاة والتعبير ، وبعد أن كثرت مصالحه ومطالبه في مجتمع تعددت أفراده وجماعاته ، وصارت له تقاليده وأوضاعه .
لكنْ العالمان : ( س . ب . تيلور ) و ( أندرولنج ) يؤكدان صعوبة تحديد موطن أصلي للحكاية الشعبية ، فهي ملك للشعوب جميعا ولسان حالها ، ولأن البشر يعيشون ظروفا حيوية متشابهة ، وفي بيئات متماثلة ( مهما بعدت المسافات بينها ) ، وعادات وتقاليد ومعتقدات متقاربة ذات نمط عام وسياق واحد ، حتى وإن اختلفت في التفصيلات والوجوه والجوانب فإن حكاياتها ستكون متقاربة ومتماثلة في الإطار العام مع وجود اختلافات متباينة في الجزئيات والمسميات والقيم .
ويتوافق مع هذا الرأي العالم : ( ناثانيل هوثورن ) إذا يقول : إن هذه الأساطير ليست ملكا لزمان بعينه أو لقوم دون سواهم ، إنها ملك للعالم كله وللزمان كله ، ولا يملك اليونان الحق فيها ، وكان ناثانيل هوثرون قد أقدم على جمع الأساطير اليونانية القديمة في كتابين : الأول بعنوان : ( كتاب العجائب 1851م ) و الثاني ( قصص تانجلوود 1853م ) .
ومما تقدم ندرك سبب تشابه وتوافق الكثير من الحكايات الشعبية عند الشعوب المختلفة .
***
>::>::>::
...............................................
= معجم المعاني الجامع .
= فوزي العنتيل ، عالم الحكايات الشعبية ، ص 18.
= ــــــ فطمة محمد الحوطي ، حكايات شعبية من البحرين ، ص 7 .
= نبيلة إبراهيم ، أشكال التعبير في الأدب الشعبي ، ص 91 .
= محمد فهمي عبد اللطيف مجلة الفنون الشعبية ، ص 42 .
= ناثانيل هوثرون ، كتاب العجائب ، ترجمة الدكتورة سهير القلماوي ، ص 62 .