الغيث
06-23-2022, 04:33 PM
النباهة هبة من الله يمنحها لمن يشاء من عباده ، وهي صفة يكتسب منها الإنسان التميز في الكثير من الرؤى والأفكار والطرح الراقي ، وإن كنتُ ــــ أنا ـــــ أتمتع بشيء من هذه النباهة إلا أنها كانت تخذلني في بعض المواقف التي لا أجيد قراءتها ، ولا أُقدِّرُ حساباتها بالصورة الدقيقة .
كان معلمنا الفاضل حديث عهد بالتدريس ، أي أنه لم يمض عليه أكثر من أربع سنوات كخبرة في هذا المجال ، لكنه أثبت جدارته في الكثير من المواقف والأعمال والتكليفات التي أسندت إليه ، بجانب تألقه في مادته التي يدرسنا فيها وهي مادة الاجتماعيات بشطريها ( التاريخ والجغرافيا ) ، ونظرا لتميزه في هذا المجال ، فقد كلفته إدارة المدرسة بتولي الإشراف الاجتماعي بالمدرسة .
مقاعد الدراسة لا تخلو من بعض الطلبة المشاكسين الخارجين عن القاعدة الطبيعية ، حيث يُظهِر هؤلاء شقاوة غير عادية فيحتكون بغيرهم إما بصفة المزح أو بدافع الشقاوة وملء الفراغ ، ولا يهدأ لهم بال حتى يحدثوا أية مشكلة ، الذي حصل أنه في إحدى الحصص الدراسية بالصف الثاني المتوسط حدث احتكاك بين زميلين لنا : الأول من أبناء الريف ( قروي ) وأما الثاني فهو من أبناء مدينتي جيزان ، أخونا الأول كان حاد الطباع لا يقبل المزاح ولا الضحك الكثير ولا الاحتكاك بأحد ، ويعتبر ذلك عيبا ، وأما زميلنا الحضري فكان يعتبر ذلك مسألة عادية تحدث بين الزملاء في كل الأوقات ، تطور ذلك الاحتكاك وتحول إلى خصام حاد وشرس وهجوم عنيف من قبل أخينا القروي ، فقام زميلنا ابن المدينة بالرد عليه بحركة غير أخلاقية وخرج من الفصل على الفور ، فما كان من القروي إلا الذهاب إلى مدير المدرسة وتقديم شكوى ، وإلى هذا الحد انتهى الأمر ، مرت ثلاثة أيام ولم يبت في الموضوع أو يُستدعى المتخاصمان ، وبدا لي خلال تلك الفترة أن هناك ثمة شيء يطبخ خلف الكواليس .
في الحصة السادسة من اليوم الرابع لتلك المشكلة كنتُ وزملائي على موعد مع امتحان شهري في مادة التاريخ ، حين دخل علينا المعلم وطلب من كل واحد منا إخراج ورقة من أي دفتر كان ووضعها فوق الطاولة ؛ لكي يملي علينا أسئلة الامتحان، ثم نقوم نحن بالإجابة عليها وهو شيء طبيعي بالنسبة لنا ، لكنه فاجأنا بطلبه عدم كتابة الاسم على الورقة ، وهذا بحد ذاته أمر يدعو إلى الحيرة ، ثم تابع قوله اكتبوا :
السؤال الأول : هل شاهدت الطالب ( ... ) يقوم بحركة غير أخلاقية أمام زميله الطالب (... ) ؟
السؤال الثاني : ماهي نوع الحركة التي قام بها الطالب ( ... ) ؟
هنا ارتبك الطلاب من هذه الأسئلة ، وجميعهم إما أن يكونوا خائفين من بطش زميلهم الشرس ، أو أنهم توقعوا أن تقوم إدارة المدرسة بمعاقبته عقابا قاسيا كالفصل من المدرسة مثلا ، فأشفقوا عليه وأجابوا جميعهم بالنفي .
أما محدثكم ( سبع البرمبة ) فشُق عليه أن يحيد عن قول الحقيقة ، وقلت في نفسي : طالما أن الأوراق ليس عليها أسماء فلا شيء يمنعني من ذلك ، وكتبتُ كلما حصل بالتفاصيل الدقيقة .
بعد يومين استدعتنا إدارة المدرسة ، وحين ولجنا إلى غرفة المدير وجدنا معلم الاجتماعيات حاضرا بمعية وكيل المدرسة إلى جوار المدير ، ثم طُلب منا أن يأخذ كل طالب منا ورقته ويسجل عليها اسمه ، وهنا وقعت الفأس في الرأس ، وكانت النتيجة كالآتي :
1 ــــ طرد الطالب المشاكس من المدرسة لمدة أسبوع واحد مع إحضار ولي أمره وكتابة تعهد عليه بعدم العودة لمثل ذلك مستقبلا .
2 ــــ حسم درجتين من درجات السلوك لذلك الطالب .
3 ــــــ الإشادة بي لما أبديته من حرص في قول الحق .
4 ـــــ تعرضتُ لعلقة ساخنة أسالت دمائي ليس من الطالب المشاكس فحسب وإنما من رفقائه السائرين في فلكه أيضا .
وسلامتكم .
***
>::>::>::
كان معلمنا الفاضل حديث عهد بالتدريس ، أي أنه لم يمض عليه أكثر من أربع سنوات كخبرة في هذا المجال ، لكنه أثبت جدارته في الكثير من المواقف والأعمال والتكليفات التي أسندت إليه ، بجانب تألقه في مادته التي يدرسنا فيها وهي مادة الاجتماعيات بشطريها ( التاريخ والجغرافيا ) ، ونظرا لتميزه في هذا المجال ، فقد كلفته إدارة المدرسة بتولي الإشراف الاجتماعي بالمدرسة .
مقاعد الدراسة لا تخلو من بعض الطلبة المشاكسين الخارجين عن القاعدة الطبيعية ، حيث يُظهِر هؤلاء شقاوة غير عادية فيحتكون بغيرهم إما بصفة المزح أو بدافع الشقاوة وملء الفراغ ، ولا يهدأ لهم بال حتى يحدثوا أية مشكلة ، الذي حصل أنه في إحدى الحصص الدراسية بالصف الثاني المتوسط حدث احتكاك بين زميلين لنا : الأول من أبناء الريف ( قروي ) وأما الثاني فهو من أبناء مدينتي جيزان ، أخونا الأول كان حاد الطباع لا يقبل المزاح ولا الضحك الكثير ولا الاحتكاك بأحد ، ويعتبر ذلك عيبا ، وأما زميلنا الحضري فكان يعتبر ذلك مسألة عادية تحدث بين الزملاء في كل الأوقات ، تطور ذلك الاحتكاك وتحول إلى خصام حاد وشرس وهجوم عنيف من قبل أخينا القروي ، فقام زميلنا ابن المدينة بالرد عليه بحركة غير أخلاقية وخرج من الفصل على الفور ، فما كان من القروي إلا الذهاب إلى مدير المدرسة وتقديم شكوى ، وإلى هذا الحد انتهى الأمر ، مرت ثلاثة أيام ولم يبت في الموضوع أو يُستدعى المتخاصمان ، وبدا لي خلال تلك الفترة أن هناك ثمة شيء يطبخ خلف الكواليس .
في الحصة السادسة من اليوم الرابع لتلك المشكلة كنتُ وزملائي على موعد مع امتحان شهري في مادة التاريخ ، حين دخل علينا المعلم وطلب من كل واحد منا إخراج ورقة من أي دفتر كان ووضعها فوق الطاولة ؛ لكي يملي علينا أسئلة الامتحان، ثم نقوم نحن بالإجابة عليها وهو شيء طبيعي بالنسبة لنا ، لكنه فاجأنا بطلبه عدم كتابة الاسم على الورقة ، وهذا بحد ذاته أمر يدعو إلى الحيرة ، ثم تابع قوله اكتبوا :
السؤال الأول : هل شاهدت الطالب ( ... ) يقوم بحركة غير أخلاقية أمام زميله الطالب (... ) ؟
السؤال الثاني : ماهي نوع الحركة التي قام بها الطالب ( ... ) ؟
هنا ارتبك الطلاب من هذه الأسئلة ، وجميعهم إما أن يكونوا خائفين من بطش زميلهم الشرس ، أو أنهم توقعوا أن تقوم إدارة المدرسة بمعاقبته عقابا قاسيا كالفصل من المدرسة مثلا ، فأشفقوا عليه وأجابوا جميعهم بالنفي .
أما محدثكم ( سبع البرمبة ) فشُق عليه أن يحيد عن قول الحقيقة ، وقلت في نفسي : طالما أن الأوراق ليس عليها أسماء فلا شيء يمنعني من ذلك ، وكتبتُ كلما حصل بالتفاصيل الدقيقة .
بعد يومين استدعتنا إدارة المدرسة ، وحين ولجنا إلى غرفة المدير وجدنا معلم الاجتماعيات حاضرا بمعية وكيل المدرسة إلى جوار المدير ، ثم طُلب منا أن يأخذ كل طالب منا ورقته ويسجل عليها اسمه ، وهنا وقعت الفأس في الرأس ، وكانت النتيجة كالآتي :
1 ــــ طرد الطالب المشاكس من المدرسة لمدة أسبوع واحد مع إحضار ولي أمره وكتابة تعهد عليه بعدم العودة لمثل ذلك مستقبلا .
2 ــــ حسم درجتين من درجات السلوك لذلك الطالب .
3 ــــــ الإشادة بي لما أبديته من حرص في قول الحق .
4 ـــــ تعرضتُ لعلقة ساخنة أسالت دمائي ليس من الطالب المشاكس فحسب وإنما من رفقائه السائرين في فلكه أيضا .
وسلامتكم .
***
>::>::>::