الغيث
06-01-2022, 08:05 PM
حينما هممتُ بالولوج إلى بوابة الثقافة الشعبية وجدتُ أمامي كما هائلا من الرؤى والمفاهيم التي تناولتها الكتب والدراسات المعنية بهذا الشأن ، ولا أخفيكم القول أنني وجدتُ صعوبة في تحديد وبلورة مفهوم أو استخلاص صيغة محددة لماهية الثقافة الشعبية ، فكل كتاب من الكتب التي سبحتُ في بحورها كان يحملني إلى اتجاهات مختلفة في مفهوم الثقافة الشعبية ، وهنا أيقنت بصعوبة تحديد مفهوم واضح لهذا الفضاء ، ومع ذلك يمكنني القول : بأنها تلك الإدراكات والانفعلات والممارسات والسلوكيات والرؤى والإيحاءات المنطوقة والمحسوسة التي تولدت عن هذا الإنسان وسخرها لمعيشته البشرية ووجد فيها الونيس والأنيس والمعين على ظروفه الحيوية المحيطة به منذ بداية الوجود البشري .
وهذا المفهوم أو الصيغة أو المصطلح تندرج تحته كل الأنماط التعبيرية ــــ نطقا وحسا وأداء وإدراكا ــــ التي انبثقت عن حياة هذا الإنسان واحتكاكه بالطبيعة من حوله واحتياجاته للتكيف معها ، واختزنتها الذاكرة وعايشتها الشعوب وتناقلتها الأجيال وتشمل :
1 ــــ الموروث السردي : كآداب السير ، والملاحم ، والأساطير ، والحكايات ، والخرافات ، والأقوال ، والحِكم ، والأشعار ، والأحاجي .
2 ــــ الموروث الحركي : كالألعاب الشعبية ، والرقص الشعبي ، والفروسية .
3 ـــــ الموروث التقني ونقل الخبرات : كأعمال الفعالة ، والمشغولات المحلية ، والصناعات الشعبية .
4 ــــ الموروث الاجتماعي : كالعادات ، والتقاليد ، واللباس ، والطبخ ، والمأكولات .
5 ــــ الموروث العقائدي : كالأديان ، والعقائد ، والمعتقدات ، والملل والنحل .
6 ــــ الموروث الروحي : كالأرواح ، والجن والشياطين ، والسحر والشعوذة ، والتنجيم .
وتتباين هذه الموروثات من شعب لآخر حسب الديانات والمعتقدات السائدة في تلك الشعوب ، ولربما يندرج الكثير من تفريعات هذه المورثات تحت مسمى ( الأدب الشعبي ) الخاص بكل شعب على حدة .
وأعتقد أن الصعوبة الناشئة من عدم تحديد مفهوم واضح لمصطلح الثقافة الشعبية عائد إلى اختلاف الشعوب من مكان لآخر ـــــ سواء كانت آسيوية أم إفريقية أم أوروبية أم شعوبا أكتشفت بعد ذلك ــــ في تسمية الأنماط الشعبية الممارسة لديها ، فهناك تسميات عديدة لهذه الأنماط ، فمنهم من يطلق عليها مسمى ( الأدب الشعبي ) ، ومنهم من يسميها ( الموروث الشعبي ) ، وآخرون يطلقون عليها مسمى (التراث الشعبي ) ، وهناك تسميات أخرى مثل : المأثورات الشعبية ، والفولكلور ، والتراث اللامادي .
وأمام هذه الإشكالية في تحديد مفهوم واضح لهذا الفضاء الواسع وما يدور في فلكه من قضايا ومظاهر ثقافية ظهرت العديد من الدراسات الاجتهادية التي تحمل في طياتها مفاهيم ومصطلحات علمية أكثر وضوحا وأدق تعبيرا لها ، ولعل أهمها : الثقافة الشفوية أو الشفهية ، الثقافة المحلية ، الموروث المحلي .
والمتفحص لهذه المصطلحات يجدها تتباين مع سابقاتها في بعض الجوانب لكنها تتفق معها في المحتوى ( الجوهر ) ، ولهذا يقترح الباحث في الدراسات الثقافية بجامعة سندرلاند البريطانية ( جون ستوري ) بأن نأخذ الحذر في عين الاعتبار عند دراستنا لمفهوم الثقافة الشعبية من أجل مواجهة المشكلة الناتجة عن المصطلح نفسه ، ويرى هذا الباحث في كتابه : ( النظرية الثقافية والثقافة الشعبية ) : (( أنه ينبغي قبل أن ننظر في الطرق المختلفة التي تم فيها تعريف الثقافة الشعبية وتحليلها أن ننظر الى بعض الملامح العامة المطروحة للنقاش الذي أثارته دراسة الثقافة الشعبية ؛ لرسم المشهد المفهومي العام لها ، ولكي نُعرِّف الثقافة الشعبية بصورة أدق فإن علينا تعريف شطري الكلمة ( الثقافة ) على حدة ، و ( الشعبية ) كجانب آخر )) .
وبالإضافة إلى دراسات جون ستوري هناك العديد من الدراسات في الثقافة الشعبية في الشرق أو الغرب انبثقت عنها عدة مصطلحات ومفاهيم ومعظمها تدور حول محوري ( الثقافة ) و ( الشعب ) منها الكتاب الذي بين يدي الآن : ( الدراسات الشعبية بين النظرية والتطبيق ) للدكتورة نبيلة إبراهيم ، والذي تتحدث فيه عن الدراسات الشعبية في الدول المتحضرة ، ثم تتحدث عن التراث الشعبي العربي بين الماضي والحاضر والمستقبل ، ثم تستعرض فيه مناهج دراسة التراث الشعبي ، تقول الدكتورة نبيلة في مقدمة كتابها : (( كثر الحديث في هذه الأيام حول الأصالة والتجديد في أدبنا ، وإذا كانت الأصالة تعني الارتباط الشديد بتراثنا وبيئتنا ، كما يعني التجديد الانفتاح على ما يجري حولنا في العالم من تطور في العمل الأدبي في الشكل والمضمون ، فإن الدراسات الشعبية ينبغي ألا تكون بمنأى عن هذا المطلب )) .
ويرى الباحث المصري في الثقافة الشعبية والتراث الأستاذ ( عبد المنعم السلاوي ) : أن الثقافة الشعبية هي مجموعة من الخصائص والصفات التي تحدد للإنسان نوعا متميزا من السلوك يقوم على مجموعة من القيم والمثل والمقومات ، يرثها ويتمسك بها ويحرص عليها .
الغيث
حصري
>::>::>::
..........................................
= جون استوري .. أستاذ الدراسات الثقافية ، ومدير مركز بحوث الدراسات الإعلامية والثقافية بجامعة سندرلاند البريطانية .
= النظرية الثقافية والثقافة الشعبية ، تأليف جون ستوري ، ترجمة الدكتور صالح خليل أبو إصبع والدكتور فاروق منصور ، والصادر عن هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة ( كلمة ) ، الطبعة الأولى ، 1436 ه ـــــ 2014 م ، أبوظبي ، الإمارات العربية المتحدة ، ص15 ، 16 .
= الدراسات الشعبية بين النظرية والتطبيق ، د. نبيلة إبراهيم ، أستاذ الأدب الشعبي بكلية الآداب جامعة القاهرة ، الصادر عن دار المريخ للطباعة والنشر ، الطبعة الأولى ، 1405 ه ــــــ 1985 م ، الرياض ، المملكة العربية السعودية .
وهذا المفهوم أو الصيغة أو المصطلح تندرج تحته كل الأنماط التعبيرية ــــ نطقا وحسا وأداء وإدراكا ــــ التي انبثقت عن حياة هذا الإنسان واحتكاكه بالطبيعة من حوله واحتياجاته للتكيف معها ، واختزنتها الذاكرة وعايشتها الشعوب وتناقلتها الأجيال وتشمل :
1 ــــ الموروث السردي : كآداب السير ، والملاحم ، والأساطير ، والحكايات ، والخرافات ، والأقوال ، والحِكم ، والأشعار ، والأحاجي .
2 ــــ الموروث الحركي : كالألعاب الشعبية ، والرقص الشعبي ، والفروسية .
3 ـــــ الموروث التقني ونقل الخبرات : كأعمال الفعالة ، والمشغولات المحلية ، والصناعات الشعبية .
4 ــــ الموروث الاجتماعي : كالعادات ، والتقاليد ، واللباس ، والطبخ ، والمأكولات .
5 ــــ الموروث العقائدي : كالأديان ، والعقائد ، والمعتقدات ، والملل والنحل .
6 ــــ الموروث الروحي : كالأرواح ، والجن والشياطين ، والسحر والشعوذة ، والتنجيم .
وتتباين هذه الموروثات من شعب لآخر حسب الديانات والمعتقدات السائدة في تلك الشعوب ، ولربما يندرج الكثير من تفريعات هذه المورثات تحت مسمى ( الأدب الشعبي ) الخاص بكل شعب على حدة .
وأعتقد أن الصعوبة الناشئة من عدم تحديد مفهوم واضح لمصطلح الثقافة الشعبية عائد إلى اختلاف الشعوب من مكان لآخر ـــــ سواء كانت آسيوية أم إفريقية أم أوروبية أم شعوبا أكتشفت بعد ذلك ــــ في تسمية الأنماط الشعبية الممارسة لديها ، فهناك تسميات عديدة لهذه الأنماط ، فمنهم من يطلق عليها مسمى ( الأدب الشعبي ) ، ومنهم من يسميها ( الموروث الشعبي ) ، وآخرون يطلقون عليها مسمى (التراث الشعبي ) ، وهناك تسميات أخرى مثل : المأثورات الشعبية ، والفولكلور ، والتراث اللامادي .
وأمام هذه الإشكالية في تحديد مفهوم واضح لهذا الفضاء الواسع وما يدور في فلكه من قضايا ومظاهر ثقافية ظهرت العديد من الدراسات الاجتهادية التي تحمل في طياتها مفاهيم ومصطلحات علمية أكثر وضوحا وأدق تعبيرا لها ، ولعل أهمها : الثقافة الشفوية أو الشفهية ، الثقافة المحلية ، الموروث المحلي .
والمتفحص لهذه المصطلحات يجدها تتباين مع سابقاتها في بعض الجوانب لكنها تتفق معها في المحتوى ( الجوهر ) ، ولهذا يقترح الباحث في الدراسات الثقافية بجامعة سندرلاند البريطانية ( جون ستوري ) بأن نأخذ الحذر في عين الاعتبار عند دراستنا لمفهوم الثقافة الشعبية من أجل مواجهة المشكلة الناتجة عن المصطلح نفسه ، ويرى هذا الباحث في كتابه : ( النظرية الثقافية والثقافة الشعبية ) : (( أنه ينبغي قبل أن ننظر في الطرق المختلفة التي تم فيها تعريف الثقافة الشعبية وتحليلها أن ننظر الى بعض الملامح العامة المطروحة للنقاش الذي أثارته دراسة الثقافة الشعبية ؛ لرسم المشهد المفهومي العام لها ، ولكي نُعرِّف الثقافة الشعبية بصورة أدق فإن علينا تعريف شطري الكلمة ( الثقافة ) على حدة ، و ( الشعبية ) كجانب آخر )) .
وبالإضافة إلى دراسات جون ستوري هناك العديد من الدراسات في الثقافة الشعبية في الشرق أو الغرب انبثقت عنها عدة مصطلحات ومفاهيم ومعظمها تدور حول محوري ( الثقافة ) و ( الشعب ) منها الكتاب الذي بين يدي الآن : ( الدراسات الشعبية بين النظرية والتطبيق ) للدكتورة نبيلة إبراهيم ، والذي تتحدث فيه عن الدراسات الشعبية في الدول المتحضرة ، ثم تتحدث عن التراث الشعبي العربي بين الماضي والحاضر والمستقبل ، ثم تستعرض فيه مناهج دراسة التراث الشعبي ، تقول الدكتورة نبيلة في مقدمة كتابها : (( كثر الحديث في هذه الأيام حول الأصالة والتجديد في أدبنا ، وإذا كانت الأصالة تعني الارتباط الشديد بتراثنا وبيئتنا ، كما يعني التجديد الانفتاح على ما يجري حولنا في العالم من تطور في العمل الأدبي في الشكل والمضمون ، فإن الدراسات الشعبية ينبغي ألا تكون بمنأى عن هذا المطلب )) .
ويرى الباحث المصري في الثقافة الشعبية والتراث الأستاذ ( عبد المنعم السلاوي ) : أن الثقافة الشعبية هي مجموعة من الخصائص والصفات التي تحدد للإنسان نوعا متميزا من السلوك يقوم على مجموعة من القيم والمثل والمقومات ، يرثها ويتمسك بها ويحرص عليها .
الغيث
حصري
>::>::>::
..........................................
= جون استوري .. أستاذ الدراسات الثقافية ، ومدير مركز بحوث الدراسات الإعلامية والثقافية بجامعة سندرلاند البريطانية .
= النظرية الثقافية والثقافة الشعبية ، تأليف جون ستوري ، ترجمة الدكتور صالح خليل أبو إصبع والدكتور فاروق منصور ، والصادر عن هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة ( كلمة ) ، الطبعة الأولى ، 1436 ه ـــــ 2014 م ، أبوظبي ، الإمارات العربية المتحدة ، ص15 ، 16 .
= الدراسات الشعبية بين النظرية والتطبيق ، د. نبيلة إبراهيم ، أستاذ الأدب الشعبي بكلية الآداب جامعة القاهرة ، الصادر عن دار المريخ للطباعة والنشر ، الطبعة الأولى ، 1405 ه ــــــ 1985 م ، الرياض ، المملكة العربية السعودية .