المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العبقُ الفردوسيُّ :


عبدالعزيز
11-28-2021, 08:48 AM
لم يألف الأشم والخضم –وإن وجد بهما بعض الأنس والسرور والبهجة- ، وظل الحنين ينازعه إلى مغاني طفولته ، وملاعب صباه !
لم يطق الصبر أكثر ، وفي إحدى الليالي ركب سيارته ويمم وجهه شطر مغاني طفولته ، وعندما تعالى الضحى كان في الشارع الرئيسي الذي عن يمينه المنازل والمغاني .
انعطف يمينًا ، عند أول منعطفٍ يؤدي إلى وسط الحي الذي كان يقطنه ، ثم ترجل من مركبته ، وبدأ السَّيْرَ متمهِّلًا ، متأمِّلًا ، متذكِّرًا ساعات أجمل ، وأنقى عهد !
عاج على منزله وخطا خطوتين إلى الداخل ، ثم وقف ونظر إلى نافذة المطبخ المطلة على الفناء الضيق ، التي يُخبِّئُ بعض لعبه فيها لعلوِّها ، ثم مضى إلى يساره مباريًا الحائط القصير ، الذي يجعلونه مرمىً لكرة القدم .
دلف إلى الفناء الواسع ذي الحيطان المطلية باللون الأبيض ، والأسقف المرصوفة بالخشب المطلي باللون الأزرق والأبواب الخشبية المطلية باللون البني .
أجال ناظره في الفناء الواسع فعن يمينه المطبخ ، ثم باب خشبي يؤدي إلى غرفة النوم والصالة ، والمجلس الذي يقيم فيه مآدب النجاح ، والمناسبات السعيدة ، وضيافة أصحابه ، ثم العريش الشمالي والغربي ، الذي ينام فيه في فصل الشتاء ، ليبهج ناظره وسمعه بالبرق والرعد ، والغيث المنهمر ، والعصافير التي تخرج من أوكارها في التجويف الخشبي بأعلى العمود .
يليها غرفة التلفاز ، ثم المستودع ، ثم الدرج المؤدي إلى السطح ، توقف قليلًا ثم صعد الدرج ،ومضى إلى السطح وجال فيه ودموعه تنهمر على وجنتيه !
بجانب الباب عن يمينه مصطبة كان يلوذ بها كثيرًا عندما ينتابه الشجن ، وفي سقف الدرج كان يضع طنفسة ويمضي بعض الوقت فيها يتأمل ، ويسرح مع أحلامه وأمانيه !


يتبع ...

إلهام
11-28-2021, 09:11 AM
كأنك تصف بيتنا، هكذا البيوت قديمًا ولكنك نسيت "المقلّط"
كانت بيوت صغيرة جداً تمتلئ بقليل من السعادة
نتأمل طويلًا ونفهم كثيرًا ونرضى ونحب ونتسامح مع أننا لم نتجاوز عتبة بيتنا

كان كل شيء أجمل، أبدعت جدًا
لقلبك الفرح

عبدالعزيز
11-28-2021, 09:32 AM
أهلًا أديبتنا المبدعة إلهام : في تلك المنازل بضع من قلوبنا ، خلفنا فيها وفي مواطن الصبا البراءة والطهر .

مرورٌ يبعثُ السرور (أسعدكِ الله) .

جعلتها موجزة في عشر صفحات -تقريبًا- ، ربما أعود إليها مرة أخرى وأسهب .

بُشْرَى
11-28-2021, 10:09 AM
.

.

هذا الصوت المنبعث من المغاني العالقة بطفولتنا ينخرُ فينا حنينه

وبجبرنا التأمل فيما مضى وما أتى ..

الأديب عبد العزيز ..

لن يختلف في أمر الأدب الذي تكتبه اثنان
القصة .. محبوكة بعناية
التعريج لوصف المغاني .جاء دقيقاً ممتعاً

أنت تكتب ترياقاً يا عبد العزيز ليس أدبا فقط


الوشم
والتقييم
والنشر

مع مكافأة المنتدى ..

هنا تفرّد واختلاف ,...

القارظ العنزي
11-28-2021, 10:26 AM
جميل جدا أن الانسان
يعود به التاريخ إلى
الوراء مستذكرا أجمل
ايام طفولته وصباه وتلك
البراءة التي تجمعه مع اقرانه
من ابناء الجيران . كل الشكر لك
أيها الاديب الموقر عبد العزيز

فرح
11-28-2021, 10:30 AM
يالله ما أجمل السرد و الوصف
كأننا بالحظة ذاتها والزمن ذاته والمكان ذاته
انا لم أعيش في تلك البيوت ولكن جالست اصحابها
وربي رايت البساطه والروح النظيفه والقلوب البيضاء
والاحلام البسيطه والقناعه والرضى والتسامح
وكل شيء جميل فعلاً كما وصفتها انت عبق فردوسي
ولم يتقبلوا حياتنا هذه ابداً يرون انفسهم أسرى فيها
الفاضل والاديب الاريب عبدالعزيز
عبق حرفك يزهر بالنفس المتصخره والله
ولاني اجيد الفرح اكثر من الشكر واطلق امنياتي
في عيد الميلاد ساطلق امنيتي لميلاد هذا النص
يارب لا تقطع هذا الصيب الغزير .. دمت شاهق الحرف fl

النقاء
11-28-2021, 12:38 PM
هلا بالأديب الراقي عبدالعزيز

سرد يسر الذائقة

متابعه لجمال حروفك هناااا

عبدالعزيز
11-28-2021, 08:29 PM
الأديبة بشرى : مرورٌ أزاح أرتال القنوط ، وإن كانتْ مثل رضوى (حفظكِ ربي ، وأسعدكِ) .

الامتنان التام .

عبدالعزيز
11-28-2021, 08:30 PM
صديقي الشاعر الآسر القارظ العنزي : مرورٌ أعذب من ارتشاف الشهد (وفقك الله ، وأسعدك) .

الامتنان التام .

عبدالعزيز
11-28-2021, 08:31 PM
الأديبة فرح : هناكَ ردودٌ أعرِّجُ عليها كثيرًا ، وهذا الرد في طليعتها (رضي الله عنكِ ، وأتم عليكِ نعمته) .

الامتنان التام .

عبدالعزيز
11-28-2021, 08:31 PM
الأديبة النقاء : وتغمريني بكرمكِ الفياض (وفقكِ الله ، وحفظكِ) .

الامتنان التام .

علي آل طلال
11-29-2021, 12:06 AM
الروائي المبدع عبد العزيز..
القراءة لك نوع من الترف..
سأكون هنا حتى النهابة..

وسم
11-29-2021, 05:38 AM
كنا خارج الزمن عبدالعزيز
وعدت بنا إليه من خلال هذه القرأه
ما أجمل ما أتيت به
ننتظر المزيد

عبدالعزيز
11-29-2021, 08:35 AM
الأديب العزيز علي آل طلال : ما أسعدني وأنا أبدأ صباحي برؤية هذا المعرف العذب (لكَ ودي وامتناني) .

عبدالعزيز
11-29-2021, 08:36 AM
الأديبة أسيف : مرورٌ تأوَّدَ تأوُّد غصون البان (حفظكِ ربي ، وأسعدكِ) .

الامتنان التام .

عبدالعزيز
12-25-2021, 06:16 PM
صعد المصطبة ، ونظر إلى بيوت الحي ، ثم ثبَّتَ بصره على أحدها ، وقال : عندما تَهُبُّ الرياحُ أتَعَرَّضُ لها ، لعلها تَأْخُذُ بعضًا من الحنين الذي أَنْهَكَ قلبي ، لتُلقيه في قلبكِ ، لتَشْعُري بما أُكَابدُهُ من الحنين إليكِ ، فتعطفي ، وترأفي !
ثم نزل ، وجال في السطح المقسم إلى أربعة أقسام ، وجال في الغرف الثلاث فيه ، ووقف عند الغرفة الأخيرة ، وتبسم عندما تذكر عندما كان يضعُ العلمَ في آخر الزاوية منها ، وكاد يسقط ، لولا أن الله سلم !
نزل من السطح ، ونظر إلى الغرف الثلاث عن يمينه ، ثم دلف إلى الغرفة الأخيرة التي تؤدي إلى الفناء الخلفي (الغربي) ذي الثلاث نخلات ، وجوافة ، وكينة –يصطاد الطيور التي تأوي إليها- ، وتينة ، وخم دجاج وحمام ، وغرفة مسقفة بالطين والجريد !
تبسَّم ، عندما تذكر عندما غاب عن الحي بضعة أسابيع ، ثم عاد ، فاستقبله أترابه بالحفاوة والترحيب وأهدوه بعض ألعابهم !
كان يجول في المنزل ، ودموعه تنهمر ، والحنين تصطخب أمواجه مع كل ذكرى ، ولم يستطع نظم بيت ، ولو استطاع لاحتاج لمائة بيتٍ –على الأقل- لوصف ما يعتلجُ بقلبه !
اتجه إلى المنزل الذي أودع قلبه فيه ، ودلف من الباب الأخضر ، واتجه إلى شجرة الليمون في آخر الفناء الشمالي الشرقي ، ووقف أمامها ،

يتبع ...