المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاستحياء من الله عز وجل


نزف القلم
10-22-2021, 07:56 AM
من استحيا من الناس أن يروه بقبيح دعاه ذلك إلى أن يكون حياؤه من ربه أشد , فلا يضيع فريضة ولا يرتكب خطيئة , لعلمه بأن الله يرى , وأنه لا بد أن يقرره يوم القيامة على ماعمله , فيخجل ويستحيي من ربه .
عن ابن مسعود رضى الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم لأصحابه : " استحيوا من الله حق الحياء " قالوا : إنا نستحيي يا رسول الله , قال " ليس ذاكم , ولكن من استحيا من الله حق الحياء ؛ فليحفظ الرأس وما وعى , وليحفظ البطن وما حوى , وليذكر الموت والبلى , ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا , فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء " ( رواه أحمد ) .
يحفظ الرأس وما وعى , بجميع حواسه الظاهرة والباطنة , فلا يستعملها إلا فيما يَحِلُّ .
وعن معاوية بن حَيْدَةَ رضى الله عنه, قال : قلت : يا رسول الله , عوراتنا : ما نأتي منها وما نذر ؟ قال : " أحفظ عورتك, إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك ؟ قلت : يا رسول الله, إذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ قال : " إن استطعت أن لا يرينها أحد, فلا ترينها أحداً " قلت : يا رسول الله, إذا كان أحدنُا خالياً : " الله أحق أن يستحيا منه من الناس " ( رواه احمد ) .
وقال بلال بن سعد : ( لا تنظر إلى صِغر الخطيئة , ولكن انظر إلى كبرياء من واجهته بها ) .
وعندما خلا رجلٌ بامرأة فأرادها على الفاحشة فقالت له : انظر هل يرانا من أحد ؟ فقال لها : ما يرانا إلا الكواكب , قالت له : فأين مكوكبها ؟! .
وقد قسم ابن القيم الحياء في كتابه ( مدارج السالكين ) إلى عشرة أوجه : حياء جناية , وحياء تقصير , وحياء إجلال , وحياء كرم , وحياء حشمة , وحياء استصغار للنفس واحتقار لها , وحياء محبة , وحياء عبودية, وحياء شرف وعزة, وحياء المستحيي من نفسه .
وذكرها رحمه الله مفصلة , فهي باختصار :
1/ حياء الجناية :
منه حياء آدم عليه السلام لما فرَّ هارباً في الجنة , قال الله تعالى : أفراراً مني يا آدم ؟ قال : لا يا رب , بل حياءً منك .
ومنه حياء الأنبياء في عرصات القيامة , وليس عندهم ما يزري بمراتبهم العالية السامية .
2/ حياء التقصير :
كحياء الملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون , فإذا كان يوم القيامة قالوا : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك .
3/ حياء الإجلال :
هو حياء المعرفة , وعلى حسب معرفة العبد بربه يكون حياؤه منه , ومنه حياء عمرو بن العاص رضى الله عنه كان يقول : ( والله , إن كنت لأشد الناس حياءً من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ملأت عينيَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا راجعته بما أريد حتى لحق بالله عز وجل ؛ حياءً منه ) (رواه احمد ) .
4/ حياء الكرم :
كحياء النبي صلى الله عليه وسلم من القوم الذين دعاهم إلى وليمة زينب , وطولوا الجلوس عنده ,فقام واستحيا أن يقول لهم : انصرفوا , فقال الله عز وجل" وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ " [الأحزاب : 53] .
5/ حياء الحشمة :
كحياء على بن أبي طالب أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المذي لمكان ابنته منه : عن علي رضى الله عنه قال : كنت رجلاً مذاءً , فأمَرْتُ المقداد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم فسأله , فقال " فيه الوضوء " , ولفظه في رواية أخرى : كنت رجلاً مذاءً ,فأمرت رجلاً أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ـ لمكان ابنته ـ فسأله , فقال " توضأ واغسل ذكرك " ( رواه البخاري ) .
6/ حياء الاستحقار واستصغار النفس :
كحياء العبد من ربه عز وجلحين يسأله حوائجه , احتقاراً لشأن نفسه , واستصغاراً لها , وفي أثر إسرائيلي : ( أن موسى عليه الصلاة والسلام قال : يا رب إنه لتعرض لي الحاجة من الدنيا , فأستحيي أن أسألك إياها يا رب , فقال الله تعالى : سلني ... حتى ملح عجينك , وعلف شاتك ) .
7/ حياء المحبة :
هو حياء المحب من محبوبه , حتى إنه إذا خطر على قلبه في غيبته , هاج الحياء من قلبه وأحسَّ به في وجهه ولا يدري ما سببه , وكذلك يعرض للمحب عند ملاقاته محبوبه ومفاجأته له : روعة شديدة , ولا ريب أن للمحبة سلطاناً قاهراً للقلب أعظم من سلطان من يقهر البدن , فأين من يقهر قلبك وروحك إلى من يقهر بدنك ؟! ولذلك تعجبتِ الملوك والجبابرة من قهرِهم للخلق وقهر المحبوب لهم , وذلهم له , فإذا فاجأ المحبوب محبه , ورآه بغتةً : أحسَّ القلب بهجوم سلطانه عليه فاعتراه روعة وخوف .
يقول الشاعر :
فما هو إلا أن أراها فجاءة فأبهت حتى ما أكاد أجيب
وإني لتعروني لذكرك هزة لها بين جلدي والعظام دبيب
أو كما قال الشاعر :
فيعثَرُ ما بين الكلام ورجعه لساني بكم حتى ينم بحالي
8/ حياء العبودية :
هو حياء ممتزج من محبة وخوف , ومشاهدة عدم صلاح عبوديته لمعبوده , وأن قدره أعلى وأجل منها , فعبوديته له تستوجب استحياءه منه , لا محالة .
9/ حياء الشرف والعزة :
أما حياء الشرف والعزة فحياء النفس العظيمة الكبيرة إذا صدر منها ما هو دون قدرها ؛ من بذل أو عطاء وإحسان ؛فإنه يستحيي ـ من بذله ـ حياءَ شرف نفسٍ وعزة .
10/ وأما حياء المرء من نفسه :
فهو حياء النفوس الشريفة العزيزة الرفيعة من رضاها لنفسها بالنقص , وقناعتها بالدون , فيجد نفسه مستحيياً من نفسه حتى كأن له نفسين , يستحيي بإحداهما من الأخرى , وهذا أكمل ما يكون من الحياء , فإن العبد إذا استحيا من نفسه ,فهو بأن يستحيي من غيره أجدر .
مماقرأت

فرح
10-22-2021, 09:25 AM
جزاك الله خيراً وبارك الله فيك fl

واجدة السواس
10-25-2021, 04:01 PM
حزيت الفردوس الأعلى

لهذا الطرح الهادف والقيم

شكرا لمواضيعك المميزة
تحياتي

بُشْرَى
10-25-2021, 10:27 PM
.


.

بارك الله فيك ونفع في علمك أمته
دمت بود

نزف القلم
10-29-2021, 08:09 AM
كل الشكر لكم على تواجدكم الجميل وردكم الرائع
اسعدني جدا مروركم ..
دمتم بالف خير ..
نزف القلم

آنوثة طاغية
11-05-2021, 01:42 AM
باقَة ورد جوُرية أهديك اياهَا
يعَطيك العافيه عَلى طرحك الرَائع https://www.a-al7b.com/vb/images/smilies/241.gif

تنهيدة نآي
11-06-2021, 11:12 PM
جَزاك اللهِ خُيرِ الجَزاء
ونفِعُ بكٌ وبطِرحكَ القيَيم
ولاَ حَرمُك الاًجَر
بُارك اللهِ فيُك ..~