المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ليلة باردة ( النسخة الكاملة )


علي آل طلال
07-25-2021, 01:09 AM
ليلة باردة "أرشيف"



استيقظَ على صوت رنين الهاتف..
ومازالت سحابات النعاس تغطي إشراقة الصباح..
-الو..
لياتي صوت رفيق عمره امجد..
- صباح الخير سامي..أينكَ يارجل لاترد على اتصالاتي ..
"وتماهى صوته في أحاديثِ شتى..دون الماضي.."
كان سامي يتجنب الغوص في أسبابٍ مَضَتْ ..حين عاد دون أن يترك له هناك سبباً يرغمه الرجوع بعد تبرير..
ثم انتهى الاتصال بدعوة من أمجد لزيارته حيث أنه سيمكث اسبوعاً في الرياض..
..
اندفع بجسده نحو الوسادة متكئاً على راحة أفكاره..
في حين داعب عينيه ضوء الصباح النافذ من بين أنسجة الستائر
شيء في قلبه كان يخشى هذا اللقاء. .ضيق يكاد يعرف أسبابه
...
صدى ذكرى.
.أخذه لذاك الاتصال الشؤم قبل سنة..حين دعاه أمجد لتقديم أوراقه والعمل في احدى شركات الإعلانات في روما..
لم يتطلب الأمر سوى بضع أيام ليجهز أوراقه..
ويحزم حقيبته وأيامٌ أُخَر ليُقنع والدته انها مجرد تجربة قد يستمر او العكس..
.
.
خيال لطالما عانق فكره أن يجد لموهبته في الرسم مكاناً يسعُ جموح أصابعه..والتحليق في عوالم ستهبه ذاتاً غيَّبتها عقد مجتمعه..
.
.
وهاهي روما تُلّوح بأضوائها معانقةً انبهار عينيه..من نافذة الطائرة..
وكأنها نجومٌ ملونة انتثرت على شوارعها الصاخبة الهادئة المتمايلة غنجاً..بين أذرع الأنهار التي بدتَ كأفاعٍ أسطورية..حالكة السواد..
وعلى أرض المطار لم يمنع خُطاه مِن ان تجرمعها رغبة الفضول..والاستمتاع بعالمٍ آسِر..
حسناواتٍ شقراوات وأُخريات كـَسمرة الرمال في نهارات لاهبة..
وجوهٌ تلتهمُ من ملامحها الكثير..لتمتزج بأهواء اللحظة:
انشغال وابتسام،قهقهاتٌ لم يُدرك منها سوى أصداء..
.
.
حث خطاه نحو البوابة..وأخذ يتفحص الوجوه بفضولِ البحث هذه المرة..
لمحَ أمجد يلوَّح له..
أسرع بخطاه وعانق ملامحه بـ ارتياح ودفقٍ من مشاعر متبادلة شوقٌ وود..وابتسامته لاتفارق عينيه الظامئتين للراحة..
.
.
أمجد : لم تتغير ياسامي..لازلت ذاك الوسيم الأسمر بحاجبين كحبال السفينة..
وبقبضة يده ضربه سامي على كتفه مداعباً ومستنكراً بضحكة..تطاولت أصداؤها خلف ظليهما المتجهّين نحو السيارة..
استقلا السيارة وطلب سامي من أمجد ان يدله على فندق مريح وبسعر مناسب ..ليزفر تعب الرحلة ..
أمجد: اليوم انت ضيفي وغداً افعل ماشئتْ..
ثم أن ليلى في انتظارنا..
.
.
وما أن سمع اسمها حتى توقف انسياب أنفاسه نحو رئتيه كعثرة تطلبت منه أن يشهق الصعداء بعمق..
سامي : ليلى..!



يتبع.........................>

علي آل طلال
07-25-2021, 01:14 AM
وماكانت ليلى اسماً عابراً لايُشتهى..
ورويداً بدت أضواءُ الشوارع وصدى صوت أمجدوكل التفاصيل باهتة تتلاشى.
سوى ملامح خمرية مكتنزة الأنوثة..
بشعر فاحم ينساب حتى أدنى الكتفين..
ليلى..الطالبة في معهد التصميم ..حيث عمل لفترة في الدار البيضاء..
سرقت قلبه منذ أن دخلت قاعة المحاضرة متأخرة ..ولم يرفع بصره عن ذاك القوام العذب..
ورِبكة فاتنة تلتفُ حول خجلها واحمرار وجنتيها
ليلى: اعتذر عن تأخري أستاذ.
سامي: لاعليك تفضلي..
انقضت ساعات المحاضرة بانسيابية تدغدغُ حواسه..
وترغم عينيه التلصص بين التفاتة وأخرى..حيث عطرها..
واعتاد هو على تلك الزيارات اللطيفة ظاهرها غرض وباطنها تَوَجُس بشيء يُداعبُ الروح بابتسامة..
وفي كل صباح يسبقها عطرها قبل أن تطرق باب مكتبه..
حفظها كما حفظ تفاصيل أناملها الناعمة..

ثم أصبحت الزيارات أحاديث ترويها إشراقة الشمس..وغيمات ودٍ تشاكسُ قلبيهما..
,,
أحب المدينة وبكل مافيها..باتت مشاعره كـمعطفٍ يواري جسد الغربة ..
او كَـمن وجدَ ترياق الخلود ليمنحه جرعات صبرٍ تلتقفُ بقايا الهَم..
أصبحت هي هاجسه..وأول مَن يعشق معانقة صوتها حين ياتيه ناعماً عبر الهاتف بتحية صباحية ..
ضحكاتها غنجها ودلالها،وقارها..وفتنة تركع لها دهشته..
-صباح الخير ..بصوت انثوي شبه ناعس لايخفي مكراً لذيذاً..
- صباح النور..ليلى..
وبعد تبادل التحية وماحظيت من فواصل الشوق الخفي..
..

ليلى: هل تمانع أن أدعوك على فنجان قهوة
سامي: بل الدعوة ستكون في مكتبي..ثم لدي مااقوله لك..
ليلى : اتفقنا



،
يتبع.................>

علي آل طلال
07-25-2021, 01:31 AM
كان صدره مكتضا بأحاديث لابد أن يلفظها..
هو الحب تبادله ليلى أيقن ذلك من عينيها وابتسامتها ولهفتها الصباحية..
ومابقى لهذا السر اللذيذ سوى أن ينفجر عن أملٍ تنشق منه أُمنية وحلمان..!

...

جهز نفسه للخروج
شعر أنه أكثرُ أناقة عن المعتاد..
حتى تفاصيل شقته بدت أكثر أُلفة..
الطاولة القديمة ،الستائر،السقف،
وخط الأُفق من نافذته الصغيرة..صار أكثر سحراً..وطلاقة..!
وما أن وصل مكتبه..حتى استشعر وجودها..
(غالباً ماتترك المرأة أثراً من عطر..على شفا خطوة من قلب الرجل الذي ترغب)

- صباح الخير...."بادر سامي بالتحية ليخفي ربكته عنها.."
- صباح النور والأناقة
لم ينطق بل أكمل خطواته متجنباً عينيها

-ليلى: تأخرت كنت أنتظرك من وقت المكالمة
- حقاً..! ، أعتذر ولو كنت على علم لماسَقَطَتْ لحظة من ثغر الوقت إلا وظلي يسبقني حيثك..

(رفَعَت أحد حاجبيها بابتسامة لاينقصها الرضا..والدلال ..فارتسمت غمازتان على أطراف شفتيها زادتها فتنة ..
طأطأت رأسها عابثةًً بأوراقه..في محاولة منها لتدارك خجلها واستجداء اللامبالاة..)
ثم أكمل فضوله ونظراته المشتتة بين خصلات شعرها المنسابة على أحد كتفيها..
في حين بدا كتفها الآخر..نصف عاري إلا من طرف عنق فستانها الأُرجواني..
وحين حاول لملمة نظراته..
لاحت له قطرة عرق رقيقة متشبثة أعلى عظم الترقوة..و مع كل التفاتة تواصل طريقها نحو الأسفل ،حتى اختفت تُعانقها سفوحٌ خمرية ..وزهرتين..!

..
شعر بوخز نظراتها حين رفع بصره ..
فأكمل..
-سأفتح جهاز التكييف..
(لفحه تيار الهواء البارد ..فــَ انزلقت رغباته حيث قلبه..واندفع نبضه دفقات لهيب..تصاعدت مرة أُخرى حيث وجنتيه..)
..

طلب فنجاني قهوة..
فباغته صوت أمجد:
-ثلاث فناجين..

يتبع .....................................>

علي آل طلال
07-25-2021, 01:31 PM
سامي: أهلاً أينك منذ أمس..؟
أمجد :مشاغل
سامي: مشاغل ..
..وبابتسامة تكشف ستر ماكان ليلة أمس..
أمجد محاولاً تدارك نظرات سامي..
بغمزة مستفهماً عن ليلى..
سامي: ليلى طالبة في قسم التصميم..
وهذا أمجد صديق عمري وأستاذ في قسم فنون النحت..
ليلى : تشرفت أستاذ
أمجد: أنا أكثر..
وكأنه يلتهم ملامحها دون أدنى تردد ..
وأخذ يتبادل أحاديث فارغة دون غاية..ثم يفرك أنفه بعد كل نقطة توقف..كمن يحاول تزيين كذباته بشكل يتناسب مع إطار القدسية التي يحاول إظهارها..
كان سامي يبتسم بخبث لايخلو من محبة لصديقه المسترسل ..
ثم حاول إدارة دفة الحديث لمواضيع أكثر وضوحاً..
سامي: غريبة زيارتك الصباحية هذه
أمجد: لدي خبر سيفرحك..
سامي: أخبرني...
وهنا قاطعتهم ليلى : شكراً أستاذ على القهوة..استأذن..
سامي: ...
أمجد: مازلنا في اول الحديث..والتعارف ياليلى..
ليلى: وقت آخر ربما..
كان سامي جائعاً للقاء أطول..بحاجة لمزيد من السكينة والطمأنينة الكاملة دون نقص ..ودون اصطباغها بزيفِ وعودٍ قد لاتأتي..
التزم الصمت لم يرغب في إحراج نفسه بمجاملة لن تجد صداها عند ليلى..

أمجد: جميلة ليلى..
سامي: بأي عينٍ رأيتها..
أمجدوبضحكة كادت ان تشق قلبه: لاتظلمني ياسامي..
سامي: المهم ..ماالخبر المفرح..؟
أمجد: أتذكر حلمك في عرض ابداعات الطلاب في المعارض التي تقيمها الجامعة كل عام في الرباط..؟
سامي: أجل..
أمجد: اليوم كلمني مدير المعهد وطلب مني أن أختار شخصاً لم يأخذ فرصته في المشاركة
وسجلت اسمك..
سامي : ( السعادة تقفز من بين عينيه..)
صدقاً ياامجد..هل سيتحقق الحلم..!

علي آل طلال
07-25-2021, 01:39 PM
كان يتطلب منه البقاء لمدة شهر في الرباط للتجهيز قبل وأثناء عرض تصاميم الطلاب بالاضافة الى اعماله..في أحد معارضها المهمة..
وهي فرصة لم تكن لتتكرر في كل وقت، على الأقل كي يحظى بها..
..


لم يستطع إخفاء فرحته ولم يستطع مقاومة فواصل القلق..حيث أنه سيبتعد عن ليلاه..وفي قلبه هذا الكمَّ المُرهِق من الاعترافات وحدها ستكون حلقة الوصل التي تجمع قلبيهما ..
..

وفي ذات الصباح الذي شهد سَفَره..
ما منعه انشغاله من أن يتصل بليلى..ليودعها على أمل العودة..
شيء من الحزن توجسه في صوتها بلغ في نفسه شاهق الشعور بصحة إحساسه ..هي تحبه..!
..

طلب من أمجد ان يحل محله بديلاً لمتابعة الدروس مع ليلى ..في ساعات الصباح كما كان..

علي آل طلال
07-25-2021, 01:45 PM
وما أن وصل هناك واستقر حتى بدأت رحلة الشوق تنقر قلبه كل مساء وصباح وماترك لحظة دون سماع صوتها العذب..
كيف له أن يستنشق الهواء بلا ليلى..؟!
..
تكررت الاتصالات حتى بدأ يستَشعِرْ تغييراً في ليلى..
أصبح كلامها مختصراً ونبرة صوتها ماعادت تحمل ذات الدفء الكفيلة بجعل نبضاته تتسابق بلهفة للقاء صوتها،
شيء من الفتور بدأ يسري في أوردة الشوق..
لم يجد تبريراً سوى أن يكون هو وانشغاله دون الاهتمام بها كما يجب..
وعزز افكاره بالصبر..حتى يعود..

يتبع…………….>

علي آل طلال
07-25-2021, 11:45 PM
مضى شهر ..وكأن أعباء الشوق أخذت من صبره وما اكتفت..
عاد سامي وفي قلبه أحاديثٌ تتوسدُ الشفاه منذ آخر لقاء..
حاول الاتصال بليلى ليخبرها أن آتٍ مباشرة الى المعهد لكنه فكر أن يجعلها مفاجأة قد تكون بالنسبة لها لحظة (نديّة سخية..ملتهبة)..
..
وما أن وصل حتى أخذ يتفحص الوجوه عله يقضم من حلوى المواعيد اللحظية (صدفةً ) تلملم نبضاته حول واحاتٍ خمريةٍ مشتهاة..
ليلى التي ماغادرت تفكيره
وكأن في عينيها سحراً سرقه نحو ليلها العابث ببقايا صبره..
..
وعبثاً كان يبحث حتى استقر قراره في الذهاب إلى مكتب أمجد ..
وحين انشغاله بلملمة خطواته في الممر المؤدي اإلى مبتغاه..كانت سكرة ذكراها تلتهم حواسه..
حتى أنه لم ينتبه لتحايا الطلاب وتلك الوجوه المتفحصة لملامح التيه في وجهه..

علي آل طلال
07-25-2021, 11:53 PM
فتح باب الغرفة وصفعه صوت ضحكة أنثى ..يعرفها..!

وما أن دخل حتى ارتسمت على وجه أمجد ابتسامة احتضنته بفرح..
بينما استمرت ليلى بصوت ضحكاتها حتى تَنَبَهت حال نهوض امجد لاستقبال سامي بعناق..
لم يكن سامي يجيد الادعاء او افتعال ملامحٍ لاتشبه اللحظة..رغم هذا كان يجاهد على الاقل لإخفاء سوداوية الشعور ..حين لاحت بقعٌ من أحمر الشفاه على ياقة قميص أمجد ..والقليل من عطرها انحسر وتكثفَ حيث ذقنه..!
..
تضاربت مشاعره مابين فرح اللقاء..وشوقٍ لـ ليلى..
فرحٌ وشوق و لقاءٌ باهت..!

-كيف حالك ليلى
(وكأن الكلام مكتظٌ باستفهامات تنتظر إجابة من عينيها..)
- الحمدلله على السلامة استاذ سامي ،
(تداركتْ نظراته بشيء من الرسمية وكأنها تَخشى أن تَهبه ابتسامة )
..
كان يبحث في عينيها عن إجابة ،أشبه بحقنة مورفين تقيه هذا الوَجَع الذي بدا أوسَع من عين الصباح..!
استأذنتهم ليلى بالذهاب إلى المحاضرة فيما رمق سامي أمجد بنظرة جعلته يتلعثم..

علي آل طلال
07-25-2021, 11:58 PM
أمجد: انا معجب بليلى..وأود التقدم لخطبتها ياسامي..
كان وقع كلام امجد كما الصفعة على خَد اللحظات التي تلعثمت فيها الكلمات على ثغر الاعتراف دون نيل مبتغاه..

-حسناً ان كنت جاداً بالفعل ..
(قالها سامي ولسان قلبه انعقد على غصة مراراً حاول تجاهل أسبابها ..بأن يحول بصره نحو بقع احمر الشفاه التائهة على عنقه..!)
..

علي آل طلال
07-26-2021, 12:11 AM
مرت شهور، تدارَك خلالها سامي أي نداء قد يخطف قلبه نحو ليلى..بقليل من العمل..السفر...والكثير من الشتات..!
شوق ٌ او تتبع،او تفاصيل اخرى قد تحول بينه وبين فكرة الرحيل..!
قد قرر العودة إلى الرياض دون تجديد عقد العمل لسنة اخرى..
وكان العذر رغبته في اكمال نصف دينه وتحقيق حلم والدته ..
..

عاد ..محملاً بالتيه..وقصص النجوى الناقصة لم يستطع أن يعيش مأساته هناك..بثياب المهرج..
أمجد،ليلى،كتبه،طلابه،شقته،كلها تفاصيل خيالاتٍ لم تمنحه شيئاً يستطيعُ حمله..!

مرت مساءاته شاحبة قاتمة قاتلة..وأفكاره تتلاعب مع الأوهام حيناً ..وحقيقة اللاشيء حيناً آخر..
كان أكثر ما يتعبه ذكرى أحاديث أمجد عنها وذاك الشبق المحاذي لمشاعره والذي بلاشك أكبر من إحساسه بالحب "إن كان حباً "ذاك الذي قاده نحوها..
وهو الذي عشقها بكل جوارحه دون أدنى فرصة لسيلِ الشهوة أن تجتاح أرض الحب لتقتلعَ حبات الطهر التي أنبَتَها الخجل..
الخجل؟!
اتراه كان واهماً ..؟
أم كان مخطئاً كنوايا السُذَّج حين تراءت له مزارع التفاح بين كتفيها دون أن يقطف منها مايشبعُ جوعه ..؟
(ستبكي عيونك ياليلى ذات صباح مشحونٍ بالجفاف..وسيغرق خصرك الطري بتأوهاتِ الحرمان..فالنزق ياحبيبتي..هو انتكاسة الحب
ولاديمومة في كنفه الا للزيف..)


يتبع………….>

علي آل طلال
07-26-2021, 03:48 PM
وقرب منزل أمجد..

- سامي لقد وصلنا..
كان صوت أمجد متعملقَ الصدى..خطفه من زحمة ذكرياته ..قبل عام..!
وشتت ضباباته على حقيقة : هاهو الان في روما، وسيلتقي بليلى..من جديد.!
وعلى بُعد أمتارٍ تفصله عنها…بابٌ وممرٌ ضيق محفوف الجوانب بأزهار الغاردينيا ..الغافية
حتى بَدَت كأضواء روما الخَدِرة وهي تنعكسُ على بقعِ من مطر المساء تجمعت بين شقوق الإسفلت الناعم..

وكأن قلبه معلقاً مع كومة المفاتيح التي تتدلى من الميدالية البشعة في يد أمجد
والتي كان احتكاكها ببعضها البعض يصدر صوتاً قريناً لأحاديثه وحركة يديه بشكلٍ يزيدُ من توَّتر سامي..
..

حالما دخل البيت لفح الدفء وجهه أصابه بارتياح لم يلبث أن تلاشى وهو يبحث عن ملامح ليلى على كل شيء..!
.

يتبع….

علي آل طلال
07-29-2021, 11:21 AM
ليلى..ها نحن قد وصلنا ..
(قالها أمجد وهو يغلق الباب ثم يرمي كومة المفاتيح على الطاولة القريبة من المدخل..)

ثم تراءى لسامي ظل ليلى من خلف الستارة المؤدية الى الممر الداخلي..
حاول أن يجعل أنفاسه أقل حرارة..بأن يستنشق كمية هواء كافية أيضاً لتعيد الثقة لحواسه الخمسة..!
استأذن منه أمجد وتركه يتفحص لوحات الشرف والشهادات المعلقة على الجدار..
كان زمناً معلقاً على زمن آخر..ذكريات وأحداث وتفاصيل أخذته عبر الوقت الى ماضٍ شد من أزرِ الحنين فـ لوّح من عينيه بريقهُ..
وبينما هو مأخوذٌٌ بكله متسمراً نحو الجدار مستمراً في إشغال لحظاته القافزة من أسوار الزمنين
..واذا بصوتِ ليلى..من وراءه كـنسائم العطر..
_سامي..
.(وبصوتها الذي اعتاد على نبرته الحنونة..)
وأردفت..كيف حالك..
التفت اليها وقد تماوجَتْ رغبته مابين ابتسامة كانت قد رسمها ماضٍ وذكرى على ذاك الجدار..وبين رِبكة فاح منها عبقُ الفرح وغطى على عتمة التردد..

يتبع…….

علي آل طلال
07-30-2021, 02:18 AM
-أهلاً ليلى...
عانق كفها براحتيه..وأومأت اليه مبتسمة أن يجلس بترحيب لايخلو من نظرات الشوق المندسة خلف حياءٍ مصطنع..
وبينما هي تسأله عن أمور كثيرة غيّبها الظرف..منذ آخر لقاء كان بينهما..أخذ هو يتفقد خصلات شعرها الفاحم ،ثغرها الشهي،غمازتيها وهي تبتسم مسترسلة في حديثٍ يسحبه لآخر..
ولم يمنعه حياؤه من أن يمد بصره بين رابيتي الياسمين..صدرها المكتنز وفتحة قميصها المهملة بشكل مثير..
ليلى الفاتنة التي سرقها منه الوقت وأصبحت مُلكاً لأمجد بينما كان يتمنى أن تكون (مملكته..)..!
تبادلا الصمت....
ثم دخل أمجد وبين يديه علبة حلوى فاخرة...
لملمتْ ليلى لعثمتها وغادرت الصالة ..وماهي الا دقائق حتى نادت ان العشاء جاهز ..
..

علي آل طلال
07-30-2021, 02:22 AM
مرَّ الوقت ثميناً بينه وبين عينيّ ليلى المُعتَمة..والبريق الخافت..
رغم غضاضة فتنتها إلا أن شيئاً ما قد سرقَ منها حيويتها ومنابع الحياة..لم تعد بذات العمق المتجذر بين ثنايا كيانها..
ليست سعيدة..كان صدى نفسه يقولها مراراً لالشئ سوى حشو أفكاره واستعارة القناعة بأنه الندم..حين يقتصُ من الرغبات الخائنة..!
..

أخذ التعب منه، حتى استأذن دون إكمال فنجان قهوته ..
رافقه أمجد إلى الغرفة المخصصة للضيوف..
كانت أفكاره تتلاطم كأمواج البحر إلى الحد الذي منعه من التركيز عما كان يتحدث به أمجد..
أمجد : أرى أن التعب قد أخذك من نفسك ..
أومأ اليه بالإيجاب وبابتسامة عبثاً حاول تدارك الغصة المنسدلة من عينيه..
مثل جندي مهزوم يحاول إشغال عدوه بما تبقى له من عزم
والأهم إقناع نفسه أنه (ضحية)..

ولكن أمجد ليس عدوه..!

علي آل طلال
07-30-2021, 02:25 AM
أتراها مشاعره أصبحت من التمرد مايجعله يلفظها بالتردد..أو لبس قناع لم يعتاده..!

اتكأ على الوسادة وأخذت نظراته تتسابق في تفحص سقف الغرفة..الطاولة..الستائر التي لاتكاد تخفي زجاج النافذة حيث ذابت التفاصيل خلفها بقطرات المطر الصافية..!

علي آل طلال
07-30-2021, 02:29 AM
وفي الصباح خرج وأمجد في طريقهما إلى شركة الإعلانات حيث سيعمل بديلاً عن مصممٍ آخر..
أعجبه المكان كذلك الوظيفة سيما أنها ستحقق ماكان يبتغيه في أن يدخل مجالاً أوسع يُسخِّر فيه كل إمكانياته وخبرته للتنافس في حلبة الطموح
أخذ يحصي بعضاً من الأُمنيات التي لم يسمح له الظرف في تحقيقها..
في حين توزعت نظراته على وجوه من حوله هذا التناغم اللوني الجميل على الجدران والأثاث وكل شيء كان موشوم بالفن
أجواء أحبها منذ أول اجتياح لعالمٍ يجهله بنفس القدر الذي يحب الغاية التي أوصلته اليه..!
..

وفي طريق العودة تبادلا أحاديثاً شتى منها ما أعاده إلى الماضي بلحظاته الجميلة التي أصبحت مجرد ذكرى يلوذ بها حين يعصف به الحرمان..
وكل تلك الصور تمر من أمامه لاهثةً لتعبر كما الأشجار على جانبي شارع ( فينيتو)العريق ..الذي لم يمنعه انصاته لأحاديث أمجد من أن يتجول بعينيه في أرجاء هذا الترف الأخاذ..
في هذه الأثناء كانت السيارة تشق طريقها الضبابي نحو الفندق..

علي آل طلال
07-30-2021, 02:32 AM
لم يكن ليومه أن يمر دون إشراقة وجه أمجد بابتسامته الصافية وبأحاديثة الشيقة الطويلة..والتي غالباً ماتتخللها دعوته لبيته..لينتهي الكلام عند ثغر ليلى..حيث لايجد سامي سوى الصمت في حضرة جبروت هذا الدفء..!
....


مرت الأشهر كثيفة بتفاصيلها بطيئة ومتواطئة مع الشوق..والحنين..
متشبثةً لحظاتها بأطراف طيفِ ليلى خيالاً أو حقيقة..
ولم يملك سوى أن يهش عنه الأفكار ..خشيةَ أن يفتضح أمرُ هذه الرِبكة أمام أمجد ..

علي آل طلال
07-30-2021, 02:37 AM
وفي إحدى السهرات في بيت أمجد..

(لدي دعوة من احد تجار الخشب بأسعار اقل كلفة من الخشب الايطالي..
وهو مانحتاجه لتطوير مصنع الاثاث..بالدمج بينَ نوعي الخشب..)
كان أمجد يتحدث وفي فمه قضمة من قطعة الكيك لم تمنع حركة شفاهه في تفادي تناثر بعضها على ياقة قميصه..
ناوله سامي كأس الماء..مبتسماً ..ثم عاود الإنصات وهو يرنو اليه بالإيجاب دون أن يناقشه في التفاصيل..
سامي: ومتى قررت السفر
أمجد: بعد غَد..
وفي هذه الأثناء نهض أمجد متعذراً بتغيير قميصه..بعد أن تلوث ببقع الشوكولا..
..
ساد الصمت تلك اللحظات التي جمعته بليلى في الصالة..
حتى بادرت ليلى بالحديث في محاولة منها شق هذا الجدار بينها وبينه..

-تفضل ..مدت يدها اليه .. بكوب الشاي..
تناوله سامي منها بشيء من الارتباك..زاد من نبضات قلبه هذا التصرف الغير عفوي..حينما لامست بطرف سبّابتها ظهر كفه وبحركة لاتخلو من الشوق..
تمنى أن يستقر الوقت بين يده وسبابتها دون الولوج نحو فراغٍ يحدثه الواقع..على أثرِ حياء..!
..

يتبع………

علي آل طلال
07-31-2021, 02:18 AM
مضت أيام منذ تلك الليلة وهو دائم التفكير بعيداً عن صوت العقل..قريباً من غمزات القلب ..يسابقُ ريحَ الشتات وهو مدركٌ انه فرحٌ مؤقت ..
سافر أمجد فكان لابد ان يضع مسؤلية ليلى على عاتق سامي خلال فترة غيابه ..ودون تردد وبعزم السعادة لم يدع فرصة تمر دون أن يملأ فراغات الوقت بزيارة مغلفة بعفوية كاذبة..
كانا وبعد كل لقاء..تستدرجهما الشمس نحو آفاق النهار حتى امتلاء النور بنوايا العتمة..ليأتي المساء معانقاً خَد التعب..
وينتهي اليوم عند عتبة باب ليلى حيث يودعها سامي قبل أن يعود للفندق..
مرت الأسابيع مثل قُبَل الشمس على وجنات الأرض..سريعة،ثمينة،توازي الفرح وتستقيم الأحلام لتمنح الخيال لذة الجنون دون كبح جموحِ الأماني..
ينفثان الشوق الصامت على أرصفةِ التيه يسيران دون وجهة عالقان بطرف غيمة ولا توحُد إلا بقلبيهما
وعينا ليلى أجمل من أزقة روما ومقاهيها العريقة وأنهرها وضواحيها المعطرة بزهوٍ عتيق..لم يظن أن جمال المدن قد يركعُ خجلاً عند فتنة (امرأة )..
بدأ يستشعر ميول ليلى إلى جرِّه نحو شبقٍ مقصود.. ..وغمامات العطر الفواح قد تملأ رئتيه برغبة أثقلت قلبه بصخبها..وفرط انحرافها نحو حلم " أن يأخذها بين ذراعيه دون إدراك أنهم على أرضٍ يحكمها واقع ".!
ودون أن يسمع صراخ ضميره الملطخ بتوبةِ الوفاء..
بدأت رغباته ترنو نحو الضوء بتكاثف السُبُل وتفنن الخيال في نسجها..بأنامل ليلى (الممتلئة بالحرمان)
فتارة يستشعر الدفء وهي تناوله فنجانه المعتاد كل صباح..لتدس إليه حمماً من لهيب الشوق..ويغرق ويغرق ويخشى الزلل..
وأُخرى بصقيعِ عنقها المتهاوي تعباً ذات مساء على ظهر الكرسي..تطلبه قبله..!

علي آل طلال
07-31-2021, 02:24 AM
- ليلى.. أغمضي عينيك و تمني شيئاً..
(همس اليها وهو يدس قطعة نقود معدنية بين أصابعها)..

أغمضَت عينيها وتماهى صوت خرير الماء من (نافورة تريفي) قبل أن يذوب كقلبه في بركة الأُمنيات..
تمتمت بشفتيها..المكتنزتين..وأعقبتها بقبلة على وجه قطعة النقود..قبل ان تقذفها لتستقر بين القطع الأُخرى في قعر البركة..
لم يشأ أن يترك أناملها المتشبثة بيده الأُخرى حتى انسابت اصابعه تسرح خصلات شعرها المنسدلة على جانبي عنقها..وهي تتلذ بإغماضتها المفتعلة..التي فتحت في قلب سامي ألف باب لتهرع رغباته المجنونة وتنحسر على شفتيه يودعها بقبله بين عنقها والترقوة..!
فتحت عينيها وتعلق فرحها على طرفي ابتسامة..
- وماذا إذاً..؟
(همست وهي تميل برأسها غنجاً..وفي عينيها وهجٌ سيأفل إن لم يستكمل رحلته نحو قلبها ولو بعد حين..)
توقف قلبه للحظة وهو يلملم ابتسامتها بعينيه..ليعود إليه النبض بعد زفير الدهشة..
أخذ بأناملها ليودع قبلة على راحة كفها..وأخرى بعينيه على وجهها العذب..وكأن حواسه تجمعت بمجملها على أعتاب حقيقة ..."يريدها..!"
..
ثم سحبته من يديه لتركض بثقة الفائز بكنزٍ ثمينٍ ..
فأمسك بخصرها ورفعها على كتفه ليتدلى رأسها على ظهره وهي تضحك ،تصرخ وتضربه بقبضة يدها..مجنون..م ج ن و ن..
تلاشى صوتها وظلالهما اللاهثة نحو أُفق الفرح بين زحمة العابرين..

يتبع….
.

علي آل طلال
08-01-2021, 12:48 AM
مرا بقرب أحد البارات الصاخبة بأضوائها..
- سامي..هل لنا ببعض الجنون..؟
(همست إليه كمن ينوي قضاء كل الوقت المتاح، قبل أن تنهمر على رأسها فوضى الاستهانة برغباتها ..حين عودة امجد..)
ابتسم سامي على مضض وبتردد كان يحاول ارضاءها بكل السبل..
ثم قليل من النبيذ يضمن كتم الضمير التائه وسط هذا الضجيج والصخب الماجن..!
.
.
كان بداخل رأسه صوت متقطع مع نحيب السخط ،صوتٌ يشجب،يصفر في صدره حتى يكاد أن ينخره..
تتوهج الأضواء على خصر ليلى المتمايل بجنون لم تكبح تدفقه ..وهي تتراقص وسط حشدِ السكارى وأعينهم تلتهم الجسد الغض..والملامح الفاتنة..
نهض باتجاهها قبل أن تبتلعه هوة الخدر وشؤم النداءات..
سحبها من يدها وخرج مسرعاً..
لم يكن بإمكانه السيطرة على جسده الثَمِل سوى عقله..!
- ليلى كفى جنوناً ..هيا لنذهب...
قاسمه المطر عناق كتفيها في محاولة منه لجرها الى داخل سيارة الأُجرة..
وانطلقا نحو بيتها..
..
لم يكن أكثر منها قوةً ووعياً..لكن عقله وقلبه مرآة الندم..وجب عليه الحفاظ على وعده..لأمجد..
كل هذه الأفكار كانت كفيلة لأن تجعل خطواته أكثر ثباتاً دون الترنح ..وهو يحملها نحو الأريكة..

- سأجهز فنجاني قهوة وأعود..لاتتحركي من مكانك.
- انا بخير سأجهزها بنفسي..
ثم نهضت واتجهت للممر المؤدي الى المطبخ رغم محاولات سامي لإرغامها أن تريح جسدها المنهك..وفشله في هدهدة تمردها هذه الليلة..
..

علي آل طلال
08-01-2021, 12:54 AM
جلس ينتظرها وشيء من الخدر يدبّ في مفاصله..
ذراعاه وقدماه..ورأسه مروراً بعينيه..
حتى بدت الستائر غيمات بنية اقرب للضباب..
فرك عينيه دون جدوى حاول لملمة بصيصٍ من النور ليستجمع صورة ليلى القادمة بظلها نحوه..
- أحتاج للنوم ..
(كان صوته يتضخم بداخله وشعوره بارتداده مرعب..)
- حسناً ساعدني ..لتقف..
طوقت أسفل ظهره بذراعيها الرقيقتين..ومضيا بخطوٍ يتعثر ..
وعلى سرير المخمل الأسود خلعت له حذاءه..وهي تتحس أصابع قدميه الباردتين..
ثم بدأت بفك ازرار قميصه لتشهق أنفاسه في حيزٍ أوسع من قيد الغثيان..
لم يكن يعي سوى عطرها يسري على خديه، يرنو من شفتيه ..على عنقه ،ذراعيه، وصدره،
انحسرت كل التفاصيل،ملمس الوسادة،الشرشف الناعم تحت جسده يتماوج كمياه المحيط، وصورة أمجد الشاخصة على الجدار.كلها ذابت في أنفاس ليلى يخالطها لهيب رغبة تمضي قدماً دون توقف..و وجها القريب إلى الحد الذي لايستطيع تمييز ملامحه..
كانت تشد بجسدها على جسده تسحقه بتأوهاتها المشحونة بالإغراء..
وغمغمة لايكاد يسمع منها سوى أنين تلاشى شيئاً فشيئاً..
ثم يسقط كل شيء في شرك العتمة وقرع خفيف على جدران عقله..بصدى يوقظ حواسه..
وضميرٍ أخرس..!
.
.

علي آل طلال
08-01-2021, 01:01 AM
استفاق على رنين جواله الملقى على المنضدة قرب السرير..
استجمع قواه لينهض ممسكاً برأسه بين كفيه ..
تفحص التفاصيل حوله..
حذاؤه، ملابسه الملقاة على البلاط، وجهه في المرآة المقابلة....وليلى..!
كانت عارية كالفجر طرية غارقة في المخمل الوثير..تضاربت أفكاره وانتهت بأن ضرب رأسه بقبضته
....لاااا...صرخ ونهض كمن نهشته خطيئة مُررَت من خلف ضميره المثقل بالذنوب..
كانت صرخته كفيلة بايقاظ ليلى من جبروت النشوة..من امتزاج الغفوة بدفء الشبق..
- سامي سأشرح لك كل ماحدث انتظر..سامي...
(صاحت وهي تمسك بمعصمه..متوسله..أن يسمعها..دون جدوى)

.
.
خرج مسرعاً لوَّح لسيارة اجرة استقلها وهو يلملم أطراف معطفه يقي صدره من من رذاذ المطر والأهم..من صقيعِ الندم..!
بدأ يستجمع أفكاره..بلاجدوى..ماكان يتعبه أنه لم يدرك ماحصل، فكل شيء مرّ بسرعة ..
مَد يده إلى جيبه ليسكت رنين الجوال المزعج..
إنه امجد..!
عضَّ شفتيه بقسوة..وكأنه يسكب في جوفه ناراً عَله يتطهر ..
-أهلا أمجد...
(رد عليه وبصوت لايخلو من الارتباك،التردد..كمن يعبر غابة كثيفة العتمة..يرجو بصيصَ نورٍ ينسدل من السماء..!)
(نحن نواري اخطاءنا عندما نعلن افلاسنا من التبريرات ..فمواراة الخطأ جزءٌ من محاولةِ تصحيحه..)

لم يكن يعلم ماحصل..بالضبط..!

- مابك..!
(جاءه صوت أمجد مبتسماً..وكأنه أمامه..)
وأردف ... اتصلت عليك مرتين ولم ترد اقلقتني هل انت بخير..وليلى..؟
-نحن بخير أمجد لاتقلق..متى موعد وصولك..؟
- غداً، كان من المفترض نهار أمس لكن تأخرت لاستكمال بعض الامور..

علي آل طلال
08-01-2021, 01:05 AM
..ماذا لو كان أمجد موجوداً ليلة امس..
هل كان القلب سيمارس فرديته العابثة برغبات متمادية..؟
هل كان سيضطر لإخماد جنون ليلى بفتاتِ رضا آلت بهم نحو هاوية (خطيئة)..؟
هل كان سيفقد طمأنينته كما حاله الآن..؟
والأهم..هل سيكون شعوره مختلفاً بوجود أمجد..دون التعايش مع شبقٍ تعملق بداخله في ظل أجواء (العبث)..؟..

كان لانقطاع الخط أثر الشهيق بالنسبة لسامي..حيث أن الحديث فيما لو استمر لبدا واضحاً جداً تلعثمه وشتات كلماته دون وجهة ثابتة..
أغلق جواله ودسه في جيب معطفه..وأخذ يلملم بعض الهدوء من تفاصيل السماء الملبدة بغيمات رمادية..
فتح زجاج النافذة ليتنشق رائحة الزهور الفواحة من ساحة "نافونا "الشهيرة بمحلات الورود..
شهقَ أنفاسه وملأ صدره بربيعٍ ماطر..
في حين شقت السيارة طريقها نحو الفندق..
...

علي آل طلال
08-01-2021, 01:14 AM
حالما دخل غرفته رمى كل شيء بفوضى التعب، كان قلبه منخوراً وصفير رياح الغربة بات اكثر قساوةً في صداه المنعكس على جدران روحه الخاوية..
ترك أفكاره على الطاولة متشبثه بمعطفه وأفرغ رأسه من كُل الصدأ حين تركه تحت صنبور الماء البارد..ينساب على على عينيه ووجهه..وعنقه..
وفي محاولة لسد ثغرات رأسه ..هَمَّ بتجهيز فنجان قهوة ليجد ان البن قد نفد..!
غيّر ملابسه على نية الخروج لشرب فنجان قهوة في المقهى المجاور للفندق..
قُرِع الباب في نفس اللحظة التي ادار بها مقبضه..
-ليلى..!
كانت ملامحها تلملم بعضها لتخرج بابتسامة تخبئ خوفاً ومحاولة إثبات العكس أظهرتها بقناعٍ تطفل عليه المطر ليسيل قطراتٍ سوداء رسَمَت تحت عينيها بقعاً خالطتها الدموع..
- أريد التكلم معك...
(خرجت الكلمات من ثغرها المرتجف..شاحبة لاتعرف وجهتها)
-لامجال لدي الآن..
- لن أسرق من وقتك الكثير..
أومأ اليها بأن تسبقه..
وبخطوات تنسل نحو المقهى القريب..تبادلا الصمت ..
مرّت الدقائق دون أن ينطق أي منهما مابقلبه ،
-أعرف انك غاضب ولا ادري لأي حد..ولكن لم يحدث بيننا شيء...
كانت تتحدث وهو يقرأ حجم الخطيئة ،وماحدث من رعشةٍ شفتيها..وشتات نظراتها على كل ملامحه..
كمن يلملم ردة فعلٍ منتظرة....
أشاح عنها وجهه،وكبح جمر الكلام بماء الشرود..
لكن مشاعره تمتدُ كأذرعٍ خَفية..تتلمسُ وجهها الفاتن..وهو يتنهد بارتياح..وعبثاً يبحث عن الدفء في كلماتها الضائعة.. بعد أن كان الحب أسطورة بالنسبة له تنبثق من خمرة عينيها..

وصدى صوتها المفعم باللوعة يتلاشى رويداً..ثم يخبو ...لتأخذه أفكاره بعيداً..
ليلى لغزه العذب.. التي اعتادها خجولة لاتداهن ولاتتقن سوى لغة الريح والمطر.
كيف للحرمان أن يزرع عبث السنين القاحلة..على مبسمِ الخشية وأملِ النوايا الطاهرة..؟!
-سامي؟!
أفاق على قبضة أصابعها وهي تحتضن كفه..
انتشل يده من بين أصابعها وقد استنزفت كل محاولات الإيقاع به من جديد..
دسّ يده بين معطفه وصدره والف حكاية خيبة نَبَتَت بين أصابعه..
أخرج بضع قطع معدنية ثمن القهوة..تركها على الطاولة ومضى..
حيث أفق الحقيقة..بلاحدود..كالبحر واليقين،،-

علي آل طلال
08-01-2021, 01:16 AM
نهض من سريره،ولاواقع حوله إلا نداء والدته.

غيّر ملابسه ليتجهز للقاء أمجد ودعوته مازلت دافئة كرائحة القهوة التي تنخر جدران غرفته وصوت والدته نغمات تتراقص على صداها أمنياته..
- سامي ستتأخر على موعدك..

كانت أصابعه تنطق الحرية..بطوقِ نجاة..
يتهجى الأشياء في محاولة للتأنق كَكاهنٍ يلملمُ جرأته..
ثم.
قبل أن يخرج ..
لم يَنسَ أن يلبسَ خاتم الخطوبة....







انتهت...