المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علمني الطير كيف أعيش


علي المعشي
06-13-2021, 01:52 PM
علمني الطير كيف أعيش

بقلم / علي أحمد معشي

توقفت أمام إشارة المرور المنتصبة كجنديٍ محارب ، وبينما تصطف المركبات خاضعة أمام كبرياء تلك المتوشحة بالأحمر القاني ، تنتظر عودة ابتسامتها الخضراء استعداداً للانطلاق ، إذ تسلل ذلك الطائر الصغير تحت إحدى الشاحنات يقطر منها الماء قطرات ضعيفة ، وقد بلغ منه العطش كل مبلغ ، حتى بدأ يفتح منقاريه ، لتقع بعض قطرات الماء في حنجرته الجافة عطشاً ، ليروي عطشه ويناقل بين قدميه من شدة حرارة الإسفلت تحته ، فبقيتُ للحظات أراقبه متعجباً لحال الدنيا وقوانينها التي تفرض على كل كائنٍ فيها أن يسعى لرزقه ويبحث عن طعامه وشرابه في أقسى الظروف وأحلك الأحوال .
وحينما طوفت بنظري إلى أصحاب المركبات وهم ينتظرون أن تفسح لهم الأميرة الحمراء الطريق وتمعنت في أعينهم التي تكاد تخرج من محاجرها ، بانتظار لحظة الانطلاق نحو مصالحهم وأعمالهم ، وليذهبوا لالتقاط قطرات رزق من فوهة الحياة مهما كان الأمر عصياً ، تماماً كما صنع الطائر الصغير، فما أجمل بلوغ الآمال وتحقيق الأحلام بعد الجهد والاجتهاد والعمل الشاق .
إن أمر الطائر المسكين أمر فيه من الفوائد والعبر الشيء الكثير ، فهو يعمل ويبحث ويصبر على كل الظروف وقد أرشده الله إلى وسائل النجاة من الجوع والعطش وطرق البحث عن الرزق ، وكما علمنا الطائر الأول غراب ابن نوح عليه السلام ، فما زالت تعلمنا الطيور والحشرات والحيوانات فنون التعامل مع الدنيا ومهارات الفوز بالنتائج النهائية.
إن كل المتقاعسين عن العمل والنائحين من قلة الزاد لو انطلقوا في الأرض يسعون وعلى ربهم يتوكلون لوجدوا الله أمامهم يمهد لهم السبل ويهيئ لهم الرزق ، ولكن الخمول والتشكي لا يصنعان الفرص ولا يفتحان الأبواب .
لقد أمرنا ربنا سبحانه بالسعي في مناكب الأرض وابتغاء فضله وكرمه العظيم، ووعدنا بتيسير الأمور وتوفير الرزق والفضل فهو مالك خزائن السموات والأرض ، ولن ينقص من خزائنه الملأى شيء ولو أعطى كل سائلٍ سؤله .
وهو سبحانه الذي أخبرنا بأن الرزق في السماء " وفي السماء رزقكم وما توعدون "
وما أحوج المسلم اليوم إلى رفع رأسه إلى السماء واستمطار الرزق والفضل من الله مع السعي والانطلاق والابتكار والبحث عن وسائل يصنع منها مشاريع عمل وانتاج يبني بها وطنه ويجني منها رزقه ، وهذا ديدن كل الناجحين في الحياة على مر التاريخ ، وقد كان الآباء والأجداد مثالاً عملياً واقعياً في صدق توكلهم على الله وحرصهم على العمل واتقانه بعيداً عن الاعتماد على غيرهم ، حيث شمروا عن سواعدهم وتصبب منهم عرقهم حتى جاءتهم اللقمة سائغة لذيذة شعروا بحلاوتها وقيمتها فارتسمت البسمة الراضية على شفاههم ورفعوا بها رؤوسهم ،فلم يرتهنوا أنفسهم لأحد ، ولم يرضوا أن يمدوا أيديهم لأحد ، فرعوا أسرهم وعائلاتهم رغم شظف العيش وضيق ذات اليد في زمن ليس فيه شيءْ مما نراه اليوم من وسائل الراحة والرفاهية والموائد الشهية والمشروبات الباردة النقية .
ومن المعلوم أن الدنيا لا تدوم على حال بل هي محفوفة بخطر التبدل والزوال ، وعلى العقلاء اليوم ، أن يتبنوا تعليم النشء والجيل الحاضر ، أن العمل والاجتهاد شرف كبير وأن الخمول والكسل والتواني مصادر افلاس وتبلد احساس تعود وخائمه على المجتمع بأكمله فيغدو مهدداً بالضعف والاضمحلال ،حتى يصبح مطمعاً وهدفاً لأعدائه والمتربصين به.

بُشْرَى
06-13-2021, 02:24 PM
.



.



ألا تعلمنا دفن موتانا من الغراب ..
وهكذا .. نبقى نتعلم ..
ونشق غمار حياتنا .. بمصاعبها وحلوها ومرّها .. إن عزمنا ذلك ..

لي عودة ..

الحديث ذو شجون ..

مقالك خصبٌ جدا
فيه قيم بنّاءة ..

الفكر للمعشي .. عميق امتداد



الوشم
والتقييم
وللنشر
>::

النبأ اليقين
06-13-2021, 07:32 PM
مقال فاخر
من الكاتب علي المعشي
سلمت
تستحق مكافأة المنتدى

غرياف
06-13-2021, 09:41 PM
لافض فوك ياعلي
مقال هادف وذو فائدة عظيمة
نفع الله به كل قارئ
وكم نحن أحوج لمثله في هذا العصر.

النقاء
06-14-2021, 05:55 AM
هلا وغلا بالكاتب القدير/ علي المعشي
طلب السعى للرزق من آجل العيش هذي سنة الله لخلقه
ونحن نسعى ونجد لآجل العيش وكسب الحلال
فمنذ خلق الخلق وهو يسعى لطلب رزقه وليس يقتصر على البشر
بل حتى الكائنات الحية بشتى أنواعها
ونهانا الله عن العجز والكسل فلا حياة بدون ذلك

ماشاء الله تبارك الرحمن
أديبنا الراقي / علي
محال كل ما بالجوار
حتى اختنق الحرف بالمحابر
محال هذا النداء والطرح الثري
ان تريهم ينزفون ونغض الأبصار
محال كل ما ينادى دون الجواب ودون هدف للحياة
طرح يشبه القوس بجميع ألوان الحياة

شكرا تتكاثر لسموك انت…..

الصولجان
06-21-2021, 03:57 PM
..

الطير جمال منظر .. وتحليق شامخ
وصفاء رويا واول من علم الأنسان دفن
العزيز على قلبه .. حتى لا يكون جيفة
لحيوانات الأرض..


الطير / ابداع رباني .. وبنسبه لي اسمى مخلوق
فسبحان خالقه ...

حروف جميله .. وفكر مميز استمر

أوراق كادح
06-25-2021, 03:09 PM
مقال جميل وراق لي


علي المعشي


سلمت يا راقي