المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغريب .. 🍃 ( عناقيد متسلسلة )


علي المعشي
05-28-2021, 08:54 PM
الغريب.. 🍃 ( 1)

بقلم / علي معشي

كانت ليلة حالمة تلك التي تراقصت فيها مشاعر السعد ، وطربت لها مسامع الأنس ، وأضيئت فيها أنوار الفرح ، حتى بدا القصر المخصص للزفاف وهو مرصع بعقود الإنارة كالعروس المرصعة بالذهب، وأضيئت الممرات المجاورة له، حتى بات المكان تحفة من جمال، وعلا صوت الموسيقى وازدهت الوجوه جمالاً وابتهاجاً ، وتوافدت المدعوات الأنيقات لحفلة زواج "شيماء" الفتاة الجميلة التي لم تكد تبلغ الثامنة عشرة من عمرها حتى تقدم لها شاب من أبناء أحد أعيان المدينة .
كل شيء كان ينبض بالسعادة ويتلألأ بالفرح ، حتى لكأن الأرجاء تصفق فرحاً وبشراً،

"سعاد" الصديقة المقربة لشيماء تكبرها ببضع سنين وهي لم تحظ بجمال فاتن كصديقتها ، ولم يطرق أي خاطب باب أبيها ليطلبها منه ، ولطالما تمنت أن يصادفها القدر يوماً ، فتلتقي بنصفها الثاني ، فهي تحلم بمولود يملأ عليها حياتها ، تفرغ فيه عاطفتها الطاغية والتي تفيض منها على من تلقاه من أهلها وأقاربها وصديقاتها، وهاهي تستعد لحضور مناسبة صديقتها "شيماء " ، وتحرص أن تكون في أبهى حلة وأجمل صورة ، وتضع أفضل مساحيق وجهها وتمتص أحمر شفاهها ليكتمل اتزانه على ثغيرها الحاد ، وتداعب بعض حليها ليتربع على عروشه من جسدها ، ولكنها متوترة بعض الشيء ، فمنذ شهور حدث لها موقف في أحد الأسواق ، وتعاطف معها أحد الشباب وساعدها في الخروج من مأزقها ، ونظراً لتمتعها بعاطفة كبيرة وإحساس مرهف ، فقد بالغت في شكره والثناء عليه ، مما جعله يطمع بها ويستغل سذاجتها ، حتى تمكن من الحصول على رقم هاتفها النقال ، وظل يراسلها ويتصنع لها بكلام معسول غاية في اللطف، ويوهمها أنه منبهر بها وبلطفها ورقتها، وقد حاولت مراراً ردعه عن ذلك، والابتعاد عن مسارٍ لا ترغب الولوج فيه رغم أنها كانت تجد راحة كبيرة في حديثه المعسول عبر الهاتف إلى أن بلغت حداً لم تعد تستطع معه الامتناع عن محادثته ومراسلته ، فارعوت لطلبه وظلت تراسله وتستقبل مكالماته التي تداعب مشاعرها الحالمة ، واستمر هو في صناعة الجُمل والكلمات المنمقة للإيقاع بها في حبائله ، وبلوغ منها ما يبلغ الرجل من زوجته ، حتى أظهر لها حبه الشديد، وتعلقه بها ، وظل كذلك إلى أن وعدها بالزواج ، وكان ذلك هو أكثر ما تتمناه لتدرك قطار الحياة قبل أن يشيب مفرق رأسها، ولتأنس بحياتها في كنف رجل يحبها وتنجب منه طفلاً يعوضها عن كل ما أصابها من تعب وشقاء وحرمان في حد ظنها.
كانت سعاد قلقة جداً تلك الليلة التي تزف فيها صديقتها لزوجها من القصر الجميل إلى حياة أسرية مستقرة ، ومصدر قلقها هو طلب ذلك الشاب مقابلتها لأول مرة والذي ادعى أنه متلهف لرؤيتها وهي في كامل زينتها وفي ليلة فرح صديقتها ، وقد حاولت الاعتذار منه ولكنه هددها بالغضب منها وأنه سيهجرها ولن يعود ثانية ، ونظراً لحبها الشديد له ، وتعلقها به فقد رضخت لطلبه ووافقت شريطة أن تذهب معه لوقت يسير في السيارة ثم يعيدها إلى القصر مجدداً ، فوافق على الشرط كي يضمن خروجها معه ، لكن القلق كان يربكها كثيراً داخل القصر ، فهي تتحدث مع صديقتها شيماء ومع بقية صديقاتها وأقاربها ، بينما يرجف قلبها بنبض متسارع ويشرد ذهنها في كل زاوية من المكان، وهي تراقب ساعة يدها ، مما لفت نظر صويحباتها اللاتي بادرن بسؤالها عما يشغل تفكيرها وعن سبب ارتباكها الواضح.
لم تكن تحر جواباً لتلك الأسئلة التي زادتها خوفاً وارتباكاً ، حتى أنها لا تكاد تجرع جرعة ماء أو عصير مكتملة حتى تعيد الإناء إلى مكانه كما هو ، ولا تكاد تحكم غلق قنينة الماء التي أهريقت من يدها غير مرة .

إنها المرة الأولى التي تتجرأ على مواعدة شخص غريب عنها ، لكن هاجساً يزين لها الأمر ويرسم لها أحلاماً وردية ومستقبلاً جميلاً مع الحبيب الذي أغدق عليها بكلماته العذبة ، وهاجس آخر يحذرها من مغبة هذه المغامرة وخطورة ذلك المسلك .

****
في الحلقة التالية ..! إن شاء الله
هل ستذهب سعاد مع حبيبها وتترك الفرح أم ستتراجع في آخر لحظة عن ذلك القرار المتهور ..؟!

تابعونا..

سلطان الزين
05-28-2021, 09:24 PM
قصّة معبّرة ولها في حياتنا شواهد وننتظر تكملة القصّة

لك الورد اخي الغالي علي

سليدا
05-28-2021, 09:37 PM
قصة رائعة وجد مشوقة

احداث تجعلك تتابعها بكل شوق ومتعة

ننتظر بقية تفاصيل القصة

وفي الانتظار أسجل اعجابي الشديد

مع التقيم والختم وارسالها للنور

واكرامك بهدية

محبتي

سليدا
05-28-2021, 09:38 PM
تمت الاضافة

مبروك

علي المعشي
05-29-2021, 07:27 PM
الغريب.. 🍃 ( 2 )

بقلم / علي معشي

كانت المدينة بأكملها منتشية تلك الليلة، تزامناً مع فرح شيماء الجميلة وزوجها الثري ، حتى تراقص عابرو الطريق مع نغمات الموسيقى الصادحة في جنبات المكان ، وبينما ينثر الفرح عبقه في زوايا القصر السعيد وتتمايل الأجساد الطرية على نغمات الغناء وتتماهى نبضات القلوب مع زغاريد النساء تحت سحائب البخور الفاخر المتغلغل في الأردان الندية ، والصدور الفتية ، كانت سعاد متشبثة بهاتفها النقال ، تراقب وميضه كل دقيقة خشية ألا تسمع رنة اتصال حبيبها الموعود وسط الصخب الموسيقي العالي .

في تمام الساعة 12 من منتصف الليل رن هاتف سعاد رنتين سريعتين لتخرج على عجل تفوح عطراً ندياً وبخوراً زكياً ، وقد ارتدت عباءتها لتختبئ عن الأنظار وتتوارى عن الصفوف متسللة إلى مواقف السيارات في الخارج، حيث ينتظر وضاح الشاب الذي تواعده سراً .
وصلت سعاد إلى السيارة ، تعتريها مشاعر خوف وارتباك ، وترتعد فرائصها حتى أنها لم تستطع فتح باب السيارة وكادت تسقط من شدة الخوف .
فتح لها الباب أخيراً و.

صعدت سعاد إلى جوار حبيبها الذي أمسك يدها مباشرة ليهدئ من روعها وهي صامتة لا تكاد تنطق بحرف ، وانطلقت السيارة مبتعدة عن مكان الاحتفال وغابت وسط أرتال السيارات متجهة إلى أطراف المدينة.

قلبت العروسة شيماء بصرها في كل زوايا القصر علها تلمح صديقتها سعاد التي عادةً لا تغيب عنها كثيراً ، بل هي في الغالب ملتصقة بها ، ومن الغريب أن تبتعد عنها في ليلة كهذه ، لقد بنتا كل أحلامهما سوياً وتقاسما كل الظروف والمواقف ، إلا أن شيماء لاحظت بحدس الصديقة والأخت المقربة أن سعاداً ليست على ما يرام ، وأنها تخفي عنها شيئاً ما .

عائلة سعاد ، عائلة ميسورة الحال متوسطة الدخل تحت كنف والد غليظ الطباع شديد الغضب، وأم مريضة ، واخوة سادرين غافلين في لهوهم ، وسعاد هي البنت الوحيدة لتلك الأسرة المشتتة .

تعبق رائحة عطر سعاد وبخورها الأخاذ في سيارة وضاح الذي يحاول التخفيف من وطأة القلق الذي سرى في أطراف الفتاة الساذجة، ويوهما أنه حريص عليها ولا يريد منها سوى أن تشعر بالأمان معه ، ولن يطلب منها أكثر من قبلة يسجلها في تاريخ الحب الذي يدغدغ به مشاعرها كلما ندَّت منه خوفاً أو حياءً .
ازداد قلق سعاد عندما أدركت أن ساعة كاملة مضت من الوقت وهي بعيدة عن قاعة الفرح وبدأت تفكر فيما ستقوله لمن يبحثن عنها هناك..! فطلبت من وضاح أن يعيدها سريعاً قبل أن ينتهي حفل الزفاف وتصعب عليها الأمور..!

تلكأ وضاح قليلاً وهو يحاول إغراءها بالبقاء معه وقتاً أطول وأنه لم يشبع من الحديث معها ، لكنها أصرت على أن تعود حالاً .
وافق وضاح أن يعيدها لكنه اشترط عليها أن تواعده مرة أخرى وتمكث معه وقتاً أطول للحديث الغرامي فقط.
وتحت إلحاح شديد من وضاح قبلت سعاد اللقاء مجدداً وطلبت منه أن يعيدها سريعاً ، وبالفعل اتخذ وضاح طريقاً مختصراً للعودة إلى القصر وعاد بها سريعاً .

دخلت سعاد إلى القصر تحت عباءتها واتجهت مباشرة إلى دورات المياه ، لتتفقد وجهها وملابسها ، وفوجئت عند أول مرآة وقفت أمامها ، أنها بحاجة إلى عناية جديدة بمساحيقها التي اغتالتها شفاه حبيبها ، في الظلام.
فتحت حقيبتها لتصلح ما أفسده الحب ، وعندما مدت يدها إلى الحقيبة وقعت على صورة لأمها المريضة ، وهي تحتفظ بتلك الصورة في حقيبتها دائماً.
ألقت نظرة على الصورة فانحدرت من عينها دمعة ندم حزينة ، وكأنها تعاتبها على ما فعلت رغم تربيتها لها وتحذيرها من الهفوات والأخطاء القاتلة.
أعادت سعاد الصورة إلى موضعها ومسحت دموعها، وأصلحت من شأن نفسها، ثم خرجت على أصوات زادت صخباً وطرباً ، فعرفت أنه وقت الزفة للعروسة فأسرعت نحو صديقتها شيماء تساعدها في رفع أطراف فستانها الذي يخط في الأرض في زفة الوداع إلى عش الزوجية .

لمحت شيماء صديقتها سعاد وهي تحاول مساعدتها مع رفيقاتها ، ورمقتها بنظرة حادة تعاتبها على غيابها عنها كل ذلك الوقت دون أن تنطق بكلمة .

اخترقت تلك النظرة قلب سعاد ، وفهمت مغزاها ، ولكنها لا تملك الوقت لتبرير الموقف لصديقتها .

مضت شيماء في طريقها وزفت إلى زوجها في سيارة فارهة قد زينت بأكاليل من الورد وأشرطة الزينة الملونة اللامعة في قاقلة طويلة من السيارات وسط هتاف وغناء ومفرقعات احتفالية كبيرة أمام الملأ ، بينما تنظر سعاد لهذا المنظر وتتذكر ما اقترفته هي من خطأ فادح حين ذهبت لواذاً مع رجل غير محرم لها ولا تدري هل يتم زفافه عليها في فرح معلنٍ كفرح شيماء أم لا.

خرج الجميع من القصر باتجاه منازلهم بعد انتهاء مراسيم الزفاف ، ومضت سعاد باتجاه منزل عائلتها الذي لا يبعد كثيراً عن موقع القصر، وبينما هي تمشي في طريق العودة إذ رن هاتفها وإذ بها تلمح اسم وضاح في شاشة الهاتف ، فبادرت بالرد عليه لتطلب منه أن يتقدم لخطبتها وأنها لن تخرج معه مجدداً حتى يتم زواجهما شرعاً .
صمت وضاح طويلاً بينما هي تناديه وتتساءل إن كان يسمعها ..! وبعد مضي وقت ليس باليسير جاءها الرد صاعقاً من وضاح ..!
****
في الحلقة التالية ..! إن شاء الله
ستعرف ماهو الرد الصاعق يا ترى ؟
وماذا سيتبعه من أحداث مثيرة ..؟!

تابعونا..!!

النقاء
05-29-2021, 09:25 PM
هلا بالكاتب الأديب / علي المعشي

وسرد جميل كجمال وجودك بيننا تزهر المكان بالتنوع بين قصص وحكاية وخواطر مشرقة

نتابع ولي عودة للمتبقى للقصة الرائعة

النقاء
05-29-2021, 09:26 PM
تم الختم والرفع ومنح المكافأة

مبارك لك تستاهل

سليدا
05-29-2021, 09:45 PM
تفاصيل ممتعة كاتبنا القدير

لازال اسلوب التشويق والانتظار لما هو قادم

متعة انتظار التفاصيل القادمة

لما قاله وضاح لسعاد .....
في انتظار ذلك

اعجابي وتقيمي

مع محبتي ....

هادي علي مدخلي
05-29-2021, 10:56 PM
بدأت حبال الفكرة تتأرجح
ووقعت فب حبائل الشيطان
واستطاع أن يستغل جوانب الضعف فيها
سرد قصصي رائع من كاتب متميز
يعرف من تؤكل كتف اللغة
ونحنُ نتعلم منه دوماً
ولنا لقاء مع الجزء الثاني
وكم أتمنى أن يحالفها الحظ
وتنجو من شره

هادي علي مدخلي
05-29-2021, 11:20 PM
وتستمر الأحداث عاصفة
ويأبى وضاح إلا أن يدمر
كل شيء جميل
ويخدش حياء العروبة
ويأبى على معشي
إلا أن يلعب بالأعصاب
ويجعلنا ننتظر نهاية
هذه المغامرة
مواصلين معك يا صديقي :)flll:

نزف القلم
05-30-2021, 12:40 AM
طرح رآئع
أستمتعت كثيراً بموضوعكـ
الأكثر من رآئع
ربي يعطيكـ العافيه ويرعــــآكـ
لآعدمنا روآئعك

علي المعشي
05-30-2021, 10:32 AM
هلا بالكاتب الأديب / علي المعشي

وسرد جميل كجمال وجودك بيننا تزهر المكان بالتنوع بين قصص وحكاية وخواطر مشرقة

نتابع ولي عودة للمتبقى للقصة الرائعة

أهلاً ومرحباً بالقديرة / النقاء

ممنون جداً لمرورك العطر وسخائك الكبير
أزهرت الصفحة بنورك 🌹

علي المعشي
05-30-2021, 10:36 AM
تفاصيل ممتعة كاتبنا القدير

لازال اسلوب التشويق والانتظار لما هو قادم

متعة انتظار التفاصيل القادمة

لما قاله وضاح لسعاد .....
في انتظار ذلك

اعجابي وتقيمي

مع محبتي ....


الأديبة القديرة / سليدا
سعدت بحضورك ومتابعتك
كل الشكر والتقدير 🌹

علي المعشي
05-30-2021, 10:37 AM
وتستمر الأحداث عاصفة
ويأبى وضاح إلا أن يدمر
كل شيء جميل
ويخدش حياء العروبة
ويأبى على معشي
إلا أن يلعب بالأعصاب
ويجعلنا ننتظر نهاية
هذه المغامرة
مواصلين معك يا صديقي :)flll:

الصديق الغالي والاستاذ القدير / هادي مدخلي

ومن يحظى باهتمام وحضورك فهو صاحب حظ عظيم

اسعدني مرورك الكريم 🌹

علي المعشي
05-30-2021, 10:39 AM
طرح رآئع
أستمتعت كثيراً بموضوعكـ
الأكثر من رآئع
ربي يعطيكـ العافيه ويرعــــآكـ
لآعدمنا روآئعك

الأديب الجميل / نزف القلم

شكراً لك على كلماتك العطرة
وأنا أيضاً سعدت بوجودك في صفحتي

تحياتي 🌹

علي المعشي
05-31-2021, 07:55 PM
الغريب ..🍃 ( 3 )

بقلم / علي معشي

كان وضاح يقهقه خلف الهاتف ويقول لسعاد :
ماذا قلتِ ؟ أعيدي علي كلامك ، فلم أسمع جيداً .
أعادت سعاد كلامها وهي تبكي :
" قلت لك يجب أن تأتي لخطبتي من أهلي ولن أخرج معك مجدداً " هل سمعت الآن ؟! ثم مالذي يضحكك يا وضاح ؟ ماالذي حدث حتى تقهقه بهذه الطريقة الساخرة ؟

عاد وضاح للقهقهة الساخرة مجدداً وهو يقول لها : افتحي برنامج المحادثة وستجدين جوابي هناك ، وختم المكالمة بقهقهة أخرى .

تملك سعاد الخوف والقلق ، وانتابها شعور صادم وكأن جبلاً تحطم على رأسها ، واعملت أصابعها المرتجفة في شاشة هاتفها بحثاً عن برنامج المحادثة، لتجد نسخاً من صورها وهي في سيارة وضاح وقد تم التقاطها من تسجيلٍ ربما يعود "لكاميرا " خفية في السيارة .

صرخت سعاد وكاد هاتفها يسقط من يدها ، وجثت على ركبتيها وسط الطريق من هول ما رأت ..! وظلت تصرخ وقد جحظت عيناها من هول المفاجأة ..!

لماذا ؟ لماذا يا وضاح ؟!
هل هذا جزاء حبي لك ؟
لماذا خدعتني ؟
وما الذي تنوي فعله بي ؟! أيها المجرم ..!

أسئلة كثيرة حائرة تعصف بعقل سعاد وقلبها ..!

توقف الزمن عند تلك اللحظة واختلطت الأمور على سعاد ، فلا تدري هل تصرخ فيجتمع عليها الناس في ساعة متأخرة من الليل وسط البيوت السادرة في سباتها؟
أم تذهب فتلقي بنفسها تحت عجلات المركبات المسرعة في الشارع العام على بعد خطوات منها ؟

لقد شل عقلها عن التفكير في تلك اللحظة وهي غير مصدقة لما يجري ، متسائلة بينها وبين نفسها :
ماذا فعلت لك يا وضاح حتى تمكر بي وتخدعني ، أنا فقط أحببتك ، نعم أحببتك ..! ألم تقل أنك تحبني ؟ ! وتريدني للزواج ؟ مالذي تغير ؟!
هل يمكن أن يستطيع إنسان أن يلعب بمشاعر من أحبته بصدق ووقعت في غرامه ثم يقف على ناصية الطريق ويسخر منها بكل هذه السهولة ؟ !
يالغبائي .. يالغبائي ..!! وتصفق بيدٍ على يد .

خطوات متثاقلة تجرها نحو منزلها تحت هاطل من دموع الحسرة والخوف وهواجس لا تهدأ من فضيحة ستملأ الآفاق على يد ذلك العابث ..!

الأم المريضة بالداخل وقد جافاها النوم ، تئن تحت وطأة الآلام وتنتظر عودة سعاد التي تأخرت في حفل الزفاف.
تدخل سعاد منتقعة اللون ترجف خوفاً ، وقد ماح الكحل من عينيها واختلط بمساحيق التجميل على وجهها ، حتى ألقت نفسها تحت أقدام والدتها تبكي وتنوح على نفسها .
أصاب الأم مزيد من الألم والحزن وهي لا تعلم مالذي جرى ابنتها .
تحاول مد يدها بصعوبة لتمسح على شعر سعاد وتستفسر منها عن سبب بكائها .
لم تستطع سعاد أن تتمالك نفسها وتخفي حزنها وتمنع دموعها ، لكنها ادعت أن إحدى صديقاتها توفيت وهي حزينة عليها .
بذلت أم سعاد كل ما بوسعها لتهدئة روع ابنتها وتصبيرها وتذكيرها بأن الموت غاية الأحياء وهي سنة الله في الأرض .

شخيرٌ عالٍ يهز أركان بهو المنزل ، يصدر من غرفة الأب العتل ويفزع قلب سعاد ويكاد يسقطها أرضاً وهي في طريقها إلى غرفتها حاملة هماً لا يطاق وكرباً لا يحتمل وخوفاً يتملك كل تفكيرها مما ستؤول إليه الأمور.

وضاح في اتصال على أحد أصدقائه المقربين : لقد وقع الفأر في الفخ يا صديقي ..! ويقهقه مجدداً بعد أن كاد يشرغ برشفة من قهوته السوداء اختلطت بنشقة من سيجارته التي بلغت عقبها بين أصبعيه القذرتين، قبل أن يرمي بها في منقضة سجائرة العفنة، والآخر يتساءل بمكر متى نلعب معه لعبة القط والفأر ..؟ وتعلو قهقهاتهما عبر الأثير..!

****
في الحلقة التالية إن شاء الله

ماذا يدبر وضاح في الخفاء مع صديقه
وما ذا ينتظر سعاد من مفاجآت ..؟
وظهور شخصيات جديدة تباعاً في مجريات القصة ..!

تابعوني..!!

النقاء
05-31-2021, 08:52 PM
متابعة بشغف للقصة كاتب الرقي / علي


انتظر ماتبقى من القصة




ولك الختم والتقيييم ومنح المكافأة يسعدك ربي تستاهل

سلطان الزين
05-31-2021, 09:00 PM
واصل ياجميل فأنا من معجبينك ..

اشكرك اخي علي وبارك الله فيك

سليدا
05-31-2021, 09:21 PM
رائعة هي التفاصيل أستاذنا علي برغم الشرارة التي تسكن وضاح

تعاطفت مع سعاد كثيرا

وجد متشوقة لبقية القصة

علي المعشي

مميزا كعادتك

ابداع فاق الوصف

أحسنت

اعجابي وتقيمي مع نجومي *****

محبتي

هادي علي مدخلي
06-01-2021, 04:51 AM
المصائب لاتأتي فُرادى
اشتدت عليها من كل مكان
فلم يكن سوى ذئب وقح
غرر بفتاه في ربيع عمرها
منتظرين إلى نهاية الحلقة
متابعين بكل شغف
أشعر أن فرج من الله سيأتي

الشادي
06-02-2021, 08:50 AM
تابعت الجزء الأول والثاني والثالث
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.
هي دروس تربوية في قصة

علي المعشي
06-03-2021, 01:12 AM
كل الشكر والامتنان لادارة المنتدى والمشرفين والأعضاء الكرام
على التواجد في سلسلة الغريب والتعليقات الرائعة
وامنياتي لكم بقراءة ممتعة 🌹🌹

علي المعشي
06-03-2021, 01:18 AM
الغريب .. 🍃 ( 4 )

بقلم / علي معشي

اعتاد وضاح الماكر وصديقه وليد الأكثر مكراً وسوءاً على اصطياد الفتيات الباحثات عن العاطفة والحب والمشاعر الغرامية بغاية الزواج ، من خلال أساليبهما الشيطانية التي تصادف غالباً خواءً إيمانياً وعاطفياً لدى أولئك الفتيات ، وهذه المرة جاء دور وليد ليبحث عن فريسة جديدة بعد أن أوقع وضاح ضحيته " سعاد " في فخ محكم وجعلها في حيص بيص ، وهو ينوي ارضاخها لنزواته كلما رغب ذلك ، من خلال تهديدها بصورها .
وهكذا تستمر دائرة الابتزاز على التوالي للتسلية والمتعة المحرمة ، ولجمع المال أحياناً .
لم يُجب وضاح على هاتفه رغم كل محاولات سعاد للاتصال به من أجل طلب مسح الصور وإنهاء العلاقة وعمل حد للعبث بالمشاعر والعزف على وتر الحب والغرام بنية خبيثة ، وقد استيقظ ضميرها وعاد إليها رشدها ، لكنها يقظة متأخرة جاءت بعد أن أصبح السيف مصلتاً في يد الخصم .
مضت عدة أيام وسعاد تعاني من الخوف والقلق اللذان ظهرا جلياً على وجهها الذابل وجسدها الخاوي حتى غدت كشجرة أصابها العطش دهراً ففقدت نضارتها ، وفي ليلة من الليالي كانت سعاد ساهمة واجمة ، لا تتحدث إلى أحد ، إذ بهاتفها يقرع مسامعها وإذ بوضاح على الطرف الآخر .
تناولت الهاتف بسرعة خاطفة ، وأغلقت باب حجرتها وكالت له سيلاً من الشتائم والسباب ونعتته بعدم الرجولة وغياب الشيم والأخلاق والمبادئ ، ولكنه قد اعتاد على مثل تلك الكلمات ومثل ذلك الصراخ ولم يعد يحرك غضبه أو حَنَقه.
رد عليها بكل برود ، اخرسي ولا ترفعي صوتك مرة أخرى وإلا ستكون صورك على برامج التواصل بعد قليل وسأرسل نسخة لهاتف والدك الذي حصلت عليه صباح اليوم..!
أصاب سعاد الخرس لبعض الوقت ولم تنطق ببنت شفة من هول ما تسمع ، ثم قالت ماذا تقول يا وضاح ؟ !!
هل يعقل أن تكون أنت الشخص الودود الذي ساعدني في السوق وعطف علي ؟ هل يعقل أن تكون بشراً ذا قلب ينبض؟ كلا لا يمكن أبداً ..!
وظلت تبكي وتترجاه وتناشده أن يمسح صورها وتعطيه ما يريد من المال ..!
قهقه مجدداً وقال لها :
المال ؟! لا أريد المال .
إذاً ماذا تريد ؟!
أريد شيئاً أهم من المال ..!
وماهو هذا الشيء ؟
أريدك أنتِ ..!!
أنا..؟!
ماذا تقصد ؟
أريد أن نقضي ليلة حمراء أنا وأنتِ ونرقص ونلعب ونطفئ لهيب صدورنا ، ثم نمسح الصور وتذهبين ..!
صرخت سعاد وقالت : لعنك الله أيها المجرم النجس ..!
عاد وضاح للتهديد وقال لها :
لو عدت مرة أخرى للسب والشتم فأنت تعلمين ماذا سأفعل بصورك ؟
سيكون موعدنا ليلة الغد عند الساعة العاشرة مساءً بجوار السوق الذي التقينا فيه أول مرة ..!
وإذا فكرت في عدم الحضور أو التبليغ فسيكون ندمك كبيراً ، لأن هناك نسخة من الصور مع صديق آخر سينشرها بمجرد أن يصل بلاغك عني ..! ثم أقفل الهاتف ..!
ألقت سعاد بجسدها المنهك على فراشها وذهبت تعض على مخدتها بأسنانها وكأنما تقضم كل نزواتها وسذاجاتخا ، وظلت تبكي بحرقة شديدة وندم عظيم لساعات طويلة دون أن تدري ما العمل ..!
وبعد بكاء ونواح طويلين زادت حيرتها ، هل تتصل بصديقتها شيماء التي لا تخفي عنها شيئاً أبداً؟
لكن شيماء تقضي أجمل أيام عمرها في ولا يحق لي أن أكدر صفوها فليس لها ذنب؟
هل أشتكي لأمي ؟! إذا يتوقف قلبها الضعيف..! وأموت نعها مرتين ..!
هل أبلغ الشرطة ؟ سينشر صديق وضاح صوري وتكون فضيحتي كبيرة ويقتلني أبي وإخوتي..!
تعود للبكاء مجدداً ..! ويتراءى أمامها سواد النهايات المظلمة ..!

****
في الحلقة التالية إن شاء الله

ماذا ستفعل سعاد أمام مصيبتها تلك
وكيف ستتصرف ؟..!
هل سترضخ لطلب وضاح وتتنازل عن شرفها درءاً للفضيحة وتبقى طول عمرها ذليلة مكسورة النفس ؟!
أم سترفض وتتحمل ما ينتج عن ذلك القرار بما في ذلك تهديد حياتها ؟
وما هي الأحداث القادمة يا ترى ..؟

تابعوني..!!

هادي علي مدخلي
06-03-2021, 01:55 AM
وتستمر الأحداث عاصفة
ويستمر في طغيه وخذلانه
هكذا تبدو الأمور أكثر تعقيداً
وأراد الكاتب أن يجعل الأحداث
أكثر تشويقاً
متابع لك ياصديقي

خواطر قلم
06-03-2021, 02:43 AM
سعاد ووضاح
نموذج لمشاكل العصر
وأسباب وقوع
الفتن في المجتمع
علي المشي
نثرت الحرف
فأنبت جداول من دمع
ورسم بالأفق ألوان الطيف
تقديري والياسمين

الحكيم
06-03-2021, 02:48 AM
هناك جهات مسؤولة
فليست سعاد وحده
من تتحمل التبعات
أين دور الأسرة
والمجتمع في التوعية
متابع بكل دهشة
في انتظار الجزء الخامس

السفير
06-03-2021, 04:21 AM
الكاتب الكبير
على معشي
من الكتاب القلائل
الذين يدمجون بين السرد والحوار
ويجعل المتابع في قلب الحدث
وشريك في البحث عن الحلول والاستنتاجات
فهو يهتم بحبك القصة
ووضع الشخصيات
و التوضيح الصحيح للأدوار
وفي الغربب يسافر بنا بعيداً بعيدآ
حتى اني توقعت أن النهاية ستكون متأخرة
الأمور ازدات تعقيدا على سعاد
متابع للبقية بشغف
وجميل أن يكون الموضوع في رابط واحد

علي المعشي
06-03-2021, 07:49 PM
الغريب .. 🍃 ( 5 )

بقلم / علي معشي

في الليلة التالية وعند الساعة العاشرة مساء. ، كانت سعاد حاضرة في الموعد المشؤوم والموقف الأصعب على نفسها ، فلم تسعفها كل الظروف المحيطة بها بأية فكرة يمكن أن تكون مخرجاً من مأزقها الكبير.
ذهبت وهي تتجرع ريقها علقماً ، ولكنها مكرهة على المجازفة لعل فرجاً يكون في مدرجة الطريق .
قررت الحضور للموعد كي لا يتهور وضاح المجرم فينشر صورها ويفضحها على الملأ، وقبل أن تصعد إلى سيارته أدخلت يدها في حقيبتها تتحسس سكيناً حاداً حملته معها لتنتقم من ذلك المجرم الذي ينوي تدمير ما تبقى لها من أحلام في حياة سعيدة تظللها بقية عمرها .

وضاح خلف مقود سيارته وقد ألقى سجارته للتو على قارعة الطريق ، يراقب لحظة صعودها إلى السيارة ، وعندما همت بالصعود من الباب الخلفي طلب منها الصعود بجواره ، فرفضت ابتداءً لكنه هددها بصوت حاد أرعبها فاستجابت لطلبه .
بدأت سعاد بالبكاء والتوسل إليه بأن يمسح صورها ويطلق سراحها وذكرته بسوء المصير الذي ينتظره من غضب الله عليه ومحق البركة في حياته ومستقبله، لكنه
سخر منها وضحك من كلامها وقال لها :
أراك أمسيتِ واعظة هذا المساء يا سعاد ؟!!

لم تجدِ كل توسلاتها نفعاً ، فقررت أن تذهب معه وتتحين لحظة ضعف منه لتغرز سكينها في قلبه وترتاح مننه ومن تهديده ، مهما كلفها الأمر .

وجه وضاح سيارته إلى إحدى الاستراحات الشبابية التي تبعد بضع كيلومترات عن وسط المدينة ، وفي الطريق بدأت سعاد تتأمل كل الزوايا وترقب الطرقات والممرات وكأنها تودع معها ذكرياتها الجميلة التي قضتها في مدينتها الحالمة ، وتودع معها آمالها وأحلامها التي لطالما بنت منها قصوراً منيفة في الخيال ، لتسرح وتمرح فيها ذات يوم مع حبيب وفي ، وطفل رضي ، ولكنها في ذلك المساء القاتم تودع كل فكرة توحي لها ببصيص أمل ، لا سيما وقد وقعت في حبال صيادٍ خبيث قاسي القلب، لم تشفع لها عنده كل توسلاتها وكل دموعها المنهمرة وقلبها المنفطر .

لم يمض وقت طويل حتى توقفت السيارة أمام مدخل الاستراحة وحينما فتح باب الاستراحة وأدخل وضاح سيارته إلى الداخل ، طلب من سعاد أن تترجل منها.
لكنها ترددت وسألته بارتباك شديد :
هل معك أحد غيرك في الاستراحة ؟!
قال لها : لا تخافي لا يوجد أحد غيرنا ورمقها بنظرة ماكرة .
تحاملت على قلبها المضطرب وترجلت من السيارة تمسك بتلابيب نفسها ، وترجف خوفاً وهلعاً ، ولكنها كانتت تتجلد للإيقاع بوضاح الماكر بمجرد أن تجد فرصة سانحة .
ما أن وضعت أول خطوة في بلاط الاستراحة وألحقتها بالثانية حتى اصطك باب الاستراحة الداخلي بقوة وأحكم وضاح إغلاقه بالمفتاح .
في هذه اللحظات خرج اثنان من أصدقاء وضاح من الغرف الداخلية في حالة سكر كامل ، وحينها وقعت سعاد على الأرض وخارت قواها حينما علمت أن الخدعة أكبر مما كانت تتصور ! وأن وضاح يبيت لها شراً مستطيراً .
قام الشبان الثلاثة باقتياد الفريسة إلى إحدى الغرف وأحكموا إغلاق الباب من الداخل بعد أن رموا بحقيبتها بعيداً ومزقوا ملابسها وهي تصرخ عالياً وتستنجد دون غياث وسط غابة من الذئاب الضارية ، وقد غاب صوتها المتحشرج تحت سطوة الخسة والنذالة وغياب العقل والدين والخلق ..
في تلك الأثناء كان هاتف سعاد يقرع جنبات المكان ترجع له الحدران صدى الصوت وظل كذلك لساعات ..!!
لكن سعاد لا تظهر ..!

****
في الحلقة التالية إن شاء الله

حسرة عليك يا سعاد ..!
ترى ماذا ينتظرك في قادم الأيام ..! ؟
وهل سينجو أولئك الأوغاد من وبال فعلتهم ؟!!

تابعوني..!!

الغيث
06-03-2021, 10:54 PM
وآه ياقلب كيف ستتحمل هذا الوجع المتسلسل
وآه يا عين دعي دموعك تنهمر
مسكينة سعاد
لا تدري بما خلف الأكمة
قاتل الله ذئاب البشر
دمت يا علي الحرف تحلق بنا على بساط حروفك الرائعة
سنتابع معك أيها الأديب البهي >::

الحكيم
06-04-2021, 07:00 AM
علي المعشي
هنا تسلسل قصصي كبير
نغار منه .. كـُتب بحرفنه
قصة الغريب
يا أخي برقيه في حقل الرصاص
مرتفع لحد الثمالة فى ابجديات السرد
دمت مبدعا كل التقدير والاحترام

خواطر قلم
06-04-2021, 08:03 AM
خوفا من بعثرة الحروف على هذا النص الوارف
صمت الكلام وعجز القلم عن مجاراة هذا الالق
وارتعشت الانامل في وضع بعض الخربشات
فتقبل مروري الاخرس سيد الموقف

علي المعشي
06-04-2021, 08:07 PM
الغريب ..🍃 ( 6 )

بقلم علي معشي

طلع النهار ..من بين فكي الليل القاتم
الريح تصفر في أبواب الاستراحة الشمطاء
المكان خاوٍ مهجور كأنه مخيم هجره الضاعنون
الزجاجات الفارغة تنتشر في الساحات
رائحة نتنة تشبه أفواه المخمورين
جسد نحيل متثاقل يقاوم الوجع هناك وحيداً.

فتحت سعاد عينيها بعد إغماءة طويلة وقد بقيت وحيدة بين جدران الجريمة الشنيعة لا تقوى على الحركة تنزف دماً ثميناً لا يرفأ، وتغشى جسدها المرهق خدوش وجروح متفرقة إثر معركة خاسرة مع الكلاب المسعورة.

غادر الشبان المكان وتركوا الفتاة بين نزيف الدمع والدم وبين جفاف الحلق والفم الذي غدا كرذاذ الملح في زوايا شفاهها الذابلة كالخريف.

ذهول مستمر يحيط بسعاد يمنعها من البكاء أو الصراخ وكأنها لم تصدق ماحدث لها ..!
استجمعت قواها لتخرج من ذلك المكان الموحش قبل أن يعود أولئك الجناة ، ولكن طريق العودة مشوب بالمتاعب والمخاوف ، فمن سيقلها في سيارته وهي تتهاوى تعباً وضعفاً ، وقد تمزقت ملابسها وتاهت حقيبتها ..! وما هي الحجة التي سترويها لأمها المريضة ؟! وماذا لو عاد والدها من رحلة صيده قبل أن تصل إلى المنزل ؟! وماذا لو صادفت واحداً من إخوتها السادرين في الملاهي والملاعب ؟!

كل تلك التساؤلات القاتلة تصيب رأسها المتعب سلفاً بألف صداع متتالية تضربه كضرب المطارق .

بدأت بجمع ما استطاعت من ملابسها والبحث عن عباءتها التي تماسكت ولم تطالها يد التمزيق التي لم تترك شيئاً على حاله ، وتلمست موضع حقيبتها وهاتفها الذي فرغ من الشحن في وقت سابق ، وخرجت بعد أن تلفعت بعباءتها وحملت حقيبتها وهاتفها، قاصدة الخروج من ذلك المكان المأفون وحسب .

تحت ستر عباءتها وقفت سعاد على قارعة الطريق تحمل آلامها وأشلاء مبعثرة بداخلها وأحزاناً عميقة وجراحاً غائرة وروحاً متعبة عبثت بها يد الغدر والخيانة ، تحبس دموعها ونشيجها وتدعو مع كل تفَسٍ من أنفاسها على وضاح ورفاقه بأن يعجل الله هلاكهم ويضاعف عقابهم ولا يبارك في حياتهم .

توقفت سيارة أجرة بجوارها وأقلتها إلى منزل عائلتها ودخلت تترقب ، خشية أن يكشف أمرها ..! ولحسن حظها أن لم يكن في الدار غير أمها التي كادت تجن عليها وهي تنتظرها طوال الليل ، وحينما رأتها ، كادت أن يتقع على الأرض، وهي تراها في حال مزرية جداً ، وحينما سألتها عما جرى؟ وأين قضت ليلتها ؟، تعللت سعاد بأنها تعرضت لحادث سير مع إحدى صديقاتها ورقدن بالمستشفى طيلة الليلة الماضية وللتو عادت لمنزليهما!

قبلت الأم المسنة والمريضة عذر ابنتها على مضض ولم تقتنع كثيراً بأن ذلك هو ما حدث .

قضت سعاد شهراً كاملاً وهي تعيش حالة من الكآبة والتوتر والضيق ، وأغلقت هاتفها تماماً ولم تستقبل أي مكالمة ، بينما كان وضاحاً ورفاقه يعيشون في حالة من الترقب ويتساءلون هل ستفعلها سعاد وتبلغ الشرطة عنهم..؟!
في المدينة وبعد، انتشر خبراً ملأ الآفاق عن حدوث جريمة قتل راح ضحيتها شابان من المدينة على يد رجل بعد أن وجدهما في منزله وقد قاما بالسطوا على منزله واغتصاب زوجته ، وحينما دخل المنزل وجدهما أمامه فأطلق عليهما النار حتى الموت .
وقد سمعت سعاد اخوتها يتحدثون عن الحادثة ، فهرعت نحو هاتفها وأعادت تشغيله لتتقصى الخبر ، وإذا بصور الشابين رفيقا وضاح أمامها على صفحة الأخبار تحت عنوان عريض ..!
" المجرمان لقيا حتفهما وفر ثالثهما من مسرح الجريمة وقاتلهما في قبضة العدالة "

ظلت سعاد تتبع الأخبار وتبحث في كل الصحف ومنصات الأخبار لعلها تجد خبرا. سعيداً يبشرها بالقبض على وضاح ليطمئن قلبها بعض الشيء .

لم تمض أيام حتى ظهر وضاح على شاشة التلفاز وبرامج التواصل وهو مقيد اليدين والرجلين يجره رجلا أمن مسلحان ، وأودع السجن وظهر الحكم عليه بعد عدة أيام أخر بالسجن عشر سنوات في سجن المدينة الذي لا يبعد كثيراً عن استراحة الشؤم التي غدر فيها بسعاد هو ورفيقاه ذات مساء.
فرحت سعاد بذلك الخبر وسري عنها بعض الشيء ، لكن أمراً سيئاً حدث لها وغير حسابات ومجريات الأمور رأساً على عقب ...

في الحلقة التالية إن شاء الله
ماهو هذا الأمر السيء وكيف ستتصرف سعاد حيال ذلك ..؟!

تابعوني..!!

علي المعشي
06-05-2021, 11:37 AM
شكراً لكل العابرين من هنا
أن تم الدروب

النقاء
06-05-2021, 02:26 PM
الله يسعدك ننتظر الباقي من القصة

ولنا تعقيب عليها

شكرا تتكاثر لروحك الغالية هنا

علي المعشي
06-05-2021, 08:41 PM
الله يسعدك ننتظر الباقي من القصة

ولنا تعقيب عليها

شكرا تتكاثر لروحك الغالية هنا

بانتظارك سيدة الابداع
النقاء

علي المعشي
06-07-2021, 02:21 PM
الغريب .. 🍃 ( 7 )

بقلم علي معشي

بعد حالات من التعب والارهاق والغثيان المستمر، وفقدان الشهية التي لم تكن تعرف سعاد سببها وعندما كانت تشكو لأمها تلك الأعراض كانت تتعجب الأم من الشكوى ، فهي تشبه كثيراً حالات الوحام والحمل ولكن ابنتها ليست متزوجة فيختلط عليها الأمر، فتقول لنفسها : ماهذا التفكير يا ام سعاد ؟ ولماذا تشككين في أخلاق ابنتك التي تربت على يديك أفضل تربية وهي تستحي من ظلها فضلاً أن تحمل سفاحاً ، ثم تستعيذ بالله وتستغفره من تلك الخواطر المقيتة ..!

مضت أربعة أشهر وسعاد بين مرض وشفاء حتى شعرت بحركة غريبة في بطنها وانتفاخ ظنته ضمن مضاعفات المرض ، لكن تزايد الحركة جعلها تتذكر تلك الليلة التي لا ترغب أن تتذكرها وتتجنب كل طيف يأتي من قبلها.

أيقنت سعاد أن جنيناً يتكور في بطنها ، ففغرت فمها في حالة من الذهول ، فوضعت يدها على فمها وكادت تصرخ بأعلى صوت، لكنها ابتلعت صراخها وانكفأت تبكي وتندب حظها وتلعن نفسها ..! ثم بدأت تنهال الأسئلة الحائرة على تفكيرها ..!
كيف ستخفي هذا الحمل ؟
هل تتخلص منه؟
هل تهيم على وجهها وتفر بجلدها قبل أن ينفضح أمرها وتجلب العار لأهلها ؟
هل تبتلع سماً زعافاً فتموت ؟
حيرة كبيرة وهم عظيم يتكدسان في مخها ولا تجد من تبوح له بس ها الدفين ..!
الشيء الوحيد الذي ترى فيه بصيص أمل وقد يسعفها ببعض الوقت هو أن بطنها لم يكون منفوخاً بشكل بارز بل هو انتفاخ يسير يمكن تغطيته لبعض الوقت ريثما تفكر في طريقة تنجو بها وينجو جنينها الذي لم تخف عن نفسها عاطفة بدأت تتشكل حوله وهاجس بداخلها يقول لها : ليس للصغير ذنب فتقتليه ..!

هدأت أعراض الوحام وعادت لسعاد بعض عافيتها إلا أن الحزن والهم لا يفارقان وجهها وهو الشيء الذي يسترعي اهتمام وانتباه الأم المريضة كلما لاح لها طيف ابنتها أو دخلت عليها حجرتها ، فتسألها عن ذلك وهي تتحجج بمتاعب الحياة وظروف مختلفة ، وفي كل مرة تقبل يدها ، تسقط منها دمعات حزينة مليئة بإجابات صامتة لا تقوى على البوح بها خشية أن يصيب الأم مكروهاً .

وفي ليلة سوداء بقيت سعاد بجوار أمها وقد اعتادت أن تطفئ كل أنوار المنزل ماعدا ضوء خافت تبصر به طريقها نحو حجرة أمها ذات الضوء الضعيف أساساً ، تفعل ذلك كي تخفي مافي بطنها عن أمها وزوارها . وكالعادة يبقيان وحيدتان في المنزل في ظل غياب الأب والأبناء في أسفارهم ولهوهم .
أحست سعاد بآلام مبرحة وكأن كل سكاكين وسيوف العالم تقطع بطنها ، فبدأت تصرخ. وتبكي ولا تجد من يساعدها أو يعطف عليها في تلك الساعة العصيبة ، فلم يكن هناك مفر من الزحف نحو أمها وهي تبكي وتولول وتمسك على بطنها .
تبددت كل الشكوك عند الأم وصار الأمر يقيناً حاضراً أمامها ، فصعقت وصدمت وهي تقول لها فعلتها يا سعاد ؟ فعلتها ؟ يا ويلي يا ويلي وبدأت تضرب بيديها على أم رأسها وتصيح رافضيحتاه وافضيحتاه ..! حتى دخلت في حالة بكاء هستيرية وامتلأ المنزل بصراخ الأم وابنتها ..!

*****

في الحلقة التالية إن شاء الله
كيف ستتم الولادة وكيف ستتصرف سعاد وأمها وهل ستكون الفضيحة مجلجلة هذه المرة وينكشف المستور للجيران؟! أم ماذا ..!

تابعوني..!!

النقاء
06-07-2021, 03:39 PM
ياسلام عليك / علي المعشي

والله حزنت عليها كثير

كثير يقعون في ذلك يارب سترك


أنتظر البقية

شكرا لك

خواطر قلم
06-08-2021, 06:25 AM
علي المعشي
كعادتك يا أخي تأتي بالتفاصيل
كسلسبيل المشاعر في عذوبة
الكلم و توالي الاستفهام
و الأمر الـّذي يرصد حركة القصة
و تموّجاتها في النفـس ...
دمت بهذا الألق .
.و لك تحيّة تقدير و احترام .

متابع لك أستمر

علي المعشي
06-08-2021, 10:44 PM
الغريب ..🍃 ( 8 )

بقلم / علي معشي

لم يكن هول الواقعة يسيراً على أم سعاد المريضة أصلاً ، حتى أصيبت بمضاعفات مرضية خطيرة ، نتيجة الصدمة العصبية التي تعرضت لها ، وفقدت على إثرها القدرة على الحركة والنطق ودخلت فيما يشبه الجلطة الدماغية .
أما سعاد فبقيت تعاني الأمرَّين ، آلام النفاس المبرحة والخوف على الأم المنهارة على سريرها بالجوار .

مضى الليل ثقيلاً يشبه جاثوماً متسلطاً على كل منافذ التنفس ، يخنق الحياة في المنزل الصغير ، حتى اخترقت حاجز الصمت ، صرخات الجنين القادم إلى عالم المجهول والغربة دون أن يعلم مالذي رمى به بين فكي رحىً طاحنة ليس له فيها ذنب من قريب أو بعيد .

تحاملت سعاد على نفسها واستقبلت جنينها الذي تمنت دائماً ، أن تكتحل عيناها برؤيته يوماً ليتربى بين يديها طفلاً ثم شاباً ثم رجلاً تستند عليه بعد الله ، لكنه يأتي من خلف الظلام ليشكل خطراً على حياتها وفضيحة لأسرتها وسمعة تحمل وزرها إلى مالا نهاية .

كان الوقت قبيل الفجر حين لفّته في خرقة التقطتها من حجرة أمها ثم تسللت به وسط هدأة الكون تحت صوت صرار الليل إلى جوار باب المسجد المجاور ، متحاملة على آلامها التي تقطع نياط قلبها حزناً وخوفاً عليه من أن تناله أنياب الكلاب الضالة ومخالبها قبل أن تصل إليه يد رحيمة ، وحزناً وخوفاً على أمها الطريحة دون حراك من هول المصيبة. وآلام النفاس المبرحة التي كانت آخر ما يؤرقها .

عادت سريعاً دون أن يراها أحد ، وذهبت تتحسس جسد أمها الذابل مرضاً وإعياءً ، فإذا به حرارة عالية ونبض ضعيف وصمت ووهن شديد .

أسرعت سعاد نحو مكان ولادتها ونظفت الدماء وأعادت ترتيب المكان ، استعداداً لاستدعاء الاسعاف لعلها تنقذ حياة أمها قبل أن تفقد كل مصادر العطف والرحمة .

نقلت الأم للمشفى ترافقها سعاد التي تخفي داخل جسدها آلاماً لا تطاق أبداً ، لكن ذهولها مما يجري أفقدها التفكير في نفسها ، فهي تسير في دوامة عظيمة بين مصير جنينها المسكين في أكناف الليلة الباردة خالياً وفي مصير والدتها المريضة التي عانت طول حياتها وهاهي تكاد تلفظ ما تبقى من أنفاسها الضعيفة بسبب صدمتها الكبيرة مما رأت ..!
عاد والد سعاد إلى المنزل في مناصف النهار جائعاً تعتصره معدته وعطشاناً يلهث باحثاً عن شربة ماء ، يصرخ في زوايا المنزل ويكيل السباب والشتائم لسعاد وأمها وهو يبحث عنهما متعجباً من غياب أم سعاد التي لا تبارح مضجعها غالباً..!
اتجه إلى المطبخ ولم يجد شيئاً وحينما خرج قابله أحد جيرانه وأخبره أن سيارة الاسعاف كانت أمام بيته في الصباح الباكر ، لم يجب على جاره بشيء وانطلق من فوره إلى المشفى ليتأكد مما يجري بنفسه .
كانت حالة أم سعاد قد ساءت وأدخلت إلى العناية المركزة وتم تركيب أجهزة التنفس الصناعي ، فقلبها الضعيف لم يتحمل الفاجعة .
لم تمض غير ساعات قليلة لفظت أنفاسها الأخيرة وأعتمت الدنيا فوق عتمتها التي خيمت على سعاد منذ اللحظة الأولى التي ساقتها سذاجتها نحو غرام مسموم وعشق موهوم خسرت فيه نفسها وجنينها وأمها .

ساد البكاء والحزن المكان ولم يصمد الرجل الغليظ العتل الذي قدم إلى المستشفى حانقاً على امرأته وابنته لتقصيرهما في ترك وجبة طعامه قبل مغادرة المنزل ، لكنه انفجر باكياً كالطفل الذي استيقظ للتو من غفلته وانشغاله بسفراته ونزواته .
وجاء اخوة سعاد يهرعون ليدركوا نظرة أخيرة على جثمان والدتهم التي تمنت أن يكونوا إلى جوارها في لحظات ضعفها ومرضها لكنهم لم يكونوا في الموعد كالعادة ..!
غادرت أم سعاد الدنيا وفارق سعاد رشدها وأصابها ذهان عقلي خطير استدعى إقامتها قسراً داخل احدى المصحات النفسية..!

أما الجنين فقد وصل إليه مؤذن المسجد في ذلك اليوم الذي ودعته أمه فيه ، ليتفاجأ بطفل وضيء يستجدي في زاوية ضيقة من زوايا الحياة يرضع بعض أصابعه جوعاً ويبكي ألماً، فأشفق لحاله وسكب دمعة حزينة على مآله داعياً لوالديه بالهداية معاتباً لهما في سره .
لم تكن المرة الأولى التي يجد فيها المؤذن طفلاً رضيعاً في لفافته أمام المسجد ، فقد اعتاد أن يستدعي الشرطة في مثل حالته لتبدأ رحلة الطفل الغريب في عالم المجهول وفي دار الأيتام واللقطاء ..!

*******

في الحلقة التالية إن شاء الله

بداية معالم حياة الغريب القادم إلى المجهول..!
وهي بداية الجزء الثاني من رواية الغريب ..!

تابعوني..!!

النقاء
06-08-2021, 10:49 PM
عشت ويسعد مسائك


ننتظر الغريب المجهول


شكرا تتكاثر لروحك الجميلة هناااا

علي المعشي
06-08-2021, 11:00 PM
عشت ويسعد مسائك


ننتظر الغريب المجهول


شكرا تتكاثر لروحك الجميلة هناااا

شكراً لك أنت صديقة الحرف وبديعة الكلمة
ويبدو أن الملل تسرب لقرائنا الكرام بسبب طول الرواية ولهم الحق في ذلك

الحكيم
06-10-2021, 11:28 AM
أخي الغالي وصديقي الأشم
علي معشي
كنت هنا ذات يوم
واليوم عدتُ لأستزيد
واستكمل كل الفصول
مرحى لكم أستاذنا
ومتابع لكco:

عابرة
06-10-2021, 09:18 PM
على المعشي

قرأتها كلها بشغف

من بداية عرس صديقتها

ومكر وضاح وخداعه

وقراءة واحدة لا تكفي بوركت
وانت تنحت عمقا إبداعيا رائعا
شكرا

علي المعشي
06-10-2021, 11:30 PM
الغريب .. 🍃 ( 9 )

بقلم / علي معشي

عاش الطفل الغريب في دار الأيتام بدايات حياته رضيعاً لم تبصر عيناه أماً يزورها فرح غامر كلما لمحته ، أو تعلوها ابتسامة مشرقة ، كلما داعبته ، كما لم ينبض له قلب مشبع بحنان الأمومة ورحمتها ، غير قلوبٍ لأمهات مستأجرات، يحاولن سد فراغ قلبه وحاجة نفسه ، وظل بكاؤه الدائم يسطر مدونات الحرمان الباكر فس سجل حياته .
" عبد الله " هو الاسم الذي منحه أياه مشرفو الدار . وقد أكمل عامه الأول لا تسكن نفسه ولا يقر له قرار وكأنما يسجل مواقف الاعتراض على وجوده في ذلك المكان .
في أحد الأيام قدم إلى دار الأيتام زوجان يلهثان، أضناهما الانتظار لسنوات طوال ، يترقبان مولوداً من صلبهما يفرغان فيه حبهما ، لكنهما لم يرزقانه ، وعندما وصلا إلى الدار كان قدر الله حاضراً ليكون عبد الله في حضانتهما .
سارة وعامر أبوان جديدان لعبد الله الطفل الجميل الذي يشع براءة وجمالاً، يعيش في كنفهما ويغدقان عليه مما وهبهما الله من النعيم والثراء ، ويشاء الله أن يفتح باب حب واسع في قلب سارة للطفل الغريب عبد الله ، فتنسى أنه قادم من عالمه المجهول، وتعيش في سعادة كبيرة وهي لا تجده إلا ابناً لها ، كأنما خاضت عليه مخاضاً عسيراً وولادة ورضاعاً كالأمهات تماماً ، بينما يحاول زوجها عامر أن يقنعها بعدم التعلق بالطفل الذي سيكبر يوماً ويعرف الحقيقة المرة.
أخذ الطفل يكبر عاماً عاماً حتى دخل المدرسة الابتدائية
مفعماً بالسعادة والرضى في كنف أبويه البديلين وخاصة أمه سارة التي لا تبخل عليه بشيء ولا تتردد في الإغداق عليه بالطعام واللباس والألعاب ، بينما يتحفظ عامر على ذلك ولا يجد انجذاباً إلى الصغير، لكنه لا يظهر مشاعره لا سلباً ولا إيحاباً ، بل يفضل الحياد حرصاً على رضى زوحته سارة التي تغير حالها منذ أن تبنت الطفل اليتيم بعد أن كانت مكتئبة حزينة فتحولت إلى أيقونة فرح واغتباط وفخر بعبد الله الذي ملأ عليها فراغ قلبها وألم حرمانها.
أما هناك في الطرف البعيد وفي المصحة النفسية ضحكات هستيرية وصخب يملأ حجرة سعاد الأم التي خسرت كل شيء بخدعة الحب الكاذب والغرام الزائف
تبدو علامات الأسى والحزن مختبئة خلف شعرها الذي اكتسى بالشيب وتلوى كخيوط متعرجة لا تعرف الامتشاط ولا الزينة وخلف الضحكات الجنونية التي لا تهدأ إلا بحقنة مسائية، تسقط بعدها في غيبوبة نوم طويل .
وفي طرف بعيد آخر ينتظر وضاح آخر سنوات السجن لتنقضي فيخرج إلى الحياة من جديد وقد أهمله جميع أهله وأصدقائه ، فلم يعد يزوره أحد ولا يسأل عنه بشر .

في الحلقة التالية إن شاء الله

سنلقي الضوء على مجريات حياة أبطال قصتنا وإلى ماذا ستؤول الأمور..

تابعوني..!!

علي المعشي
06-11-2021, 09:09 PM
شكراً لكل رواد الرواية والقصة وشكراً لكل من استوقفته مجريات أحداث قصة الغريب

علي المعشي
06-13-2021, 06:50 PM
انتظروا حلقات جديدة من رواية الغريب