المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حديث الطفوله .... (حصري بقلمي) ج 1


نبض المشاعر
03-19-2021, 10:12 AM
درست في قرية ليست قريبة من الرياض ... ومجرد أن نغادر المدرسة
كنا نتراكض لمنازلنا قبل أن يرن جرس المتوسط ثم الثانوي ... كانت
الطرق ترابيه ويقطعها وادٍ يمنحنا إجازة حين يمتلئ بالسيل وما إن
أقترب من الباب حتى تستقبلني أمي رحمها الله خلف بابٍ تتركه
مفتوحاً ليستقبل إبنها المنطلق إلى البيت .... تحمل مني حقيبتي
ثم تمسك بيدي فتخلع ملابسي وأنا أُحدِّثُها عن المدرسة وماذا درسنا
فتغسل وجهي وهي تستمع لي ثم تبتسم فرحةً بحماس إبنها العائد
كان والدي مديراً للمدرسة وكان أحياناً قبل نهاية الحصّه الأخيره
يحضرني لمكتبه ويناولني شيئاً من الحلوى ألهو بها ... وحين ينسى
أن يطرق باب فصلي في تلك الحصة أجلس أنتظر الثواني التي يرن
فيها الجرس فأهرب للمنزل ... لأنني لا أحب الإنتظار في المدرسة لحظة
ومن حسن حظ إبن المدير أن جميع الطلبه يتوددون إليه .... وفي يومٍ من
الأيام صفعني طالب خطئاً حين أراد ضرب طالب آخر أشاح بوجهه
لتنالني الصفعة ووصل الخبر أبي ... وقبل نهاية الحصة الأخيره كعادته
ناداني وسألني من صفعك ... قلت لا أحد يا أبي رغم بصماتها على
وجهي قال بيض الله وجهك فمن عفا وأصفح فأجره على الله ... ثم
عدت معه للبيت ... علّمني رحمه الله أنه ليس من حقّي أن أستخدم
سلطته في المدرسه حتى في معاقبة الآخرين ... وكم كان فخري أنه
كان مديراً للمراحل الثلاث في قريتنا ... وفي الصف الثالث الإبتدائي
أرسلته وزارة التعليم لدورة خارجيه لدراسة تطوير وسائل التعلم
فتركنا وسافر لوحده لرفض الوزارة أن نرافقه كون المكان هناك
لا يحوي عوائل ... ومضت ثلاث سنوات عانت أمي رحمها الله وهي
التي لا تقرأ ولا تكتب أن تعرف هل ذاكرنا أم لا ... واستخدمت
طريقه ذكيه في كيفية أن تجعلنا نذاكر جيداً ... ولمجرد أن نخبرها
أننا إنتهينا من المذاكره كانت تنظر إلينا وتقول: فيه صفحات من
الكتاب مهيب موجوده في عيونكم ... فنعود ونذاكر حتى ننتهي ...
كانت تستغل براءة الطفولة فينا وتقول : فلان شافه ربي وهو يعصي
أمه وصار الأبن يسعى لإرضاء ربه وأمه لأنهم زعلوا منه ...
كانت تعلّق أفعالنا بما يراه ربي فنخافه في كل شيء حتى في الخفاء
أما عن والدي في أمريكا فالجامعه ليست بعيدة عن السفارة السعوديه
فيذهب بعد الجامعه ويصلي مع من في السفاره وفي أحد الأيــام صافح
السفير بعد الصلاة وسأله السفير عن أسمه فعرف أن عمّ والدي هو أحد
المعلمين الذي درس السفير على يده ... فطلب منه السفير أن يعمل في
السفارة براتب يساعده على تحمّل النفقات هناك ... وما إن زار الملك
فهد الولايات المتحده حتى طلب منه السفير أن يتم نقل أبي لوزارة
الخارجيه فوافق رحمه الله ووجّه الوزارة بذلك لكن وزارة الخارجيه
وجهت بنقله إلى دولة أفريقيه ... رغم محاولات السفير أن يبقى أبي
رحمه الله في الولايات المتحده .... وانتقل إلى أفريقيا .... وأنتقلنا معه
بسبب أننا للتو بدأنا الإجازة الطويله ... واستغربت على صغر سني أن
هناك أناس من ذوي البشرة السمراء .... وسكنّا حيّاً يعتبر الأغلى
بالمدينة حيث تتركز فيه الطائفة المسيحية ذات الأغلبيه نظراً لأنهم
أغنياء هذه المدينة ... ولذلك ركزت حكومة خادم الحرمين ليكون سكن
منسوبيها فيه (كمنطقة آمنه) ... حفاظاً على مواطنيها ... وكنا كل
إجازة صيفية نمكث معه هناك.... وفي إحدى سنوات تواجدنا
حدث إنقلاباً عسكرياً مسلحاً على حاكم مسلم أراد إدراج المناهج
الإسلامية ضمن المواد الدراسيه وقتل بعد محاصرته .... فعايشنا
تلك الأحداث بقسوتها خصوصاً في سماع كثافة صوت النيران في
الحي المسلم الشعبي القريب منا ... وبدأ حظر التجوّل وبدأ القتل
على من يرفضون الحظر ... وما إن سمعت الحكومة السعودية بالأمر
حتى أرسلت طائره جامبو لنقل جميع مواطني السفارات الخليجيه ...
وكنا من ضمنهم .... وتحركت سيارات الجيش وحملتنا من السكن
إلى السفارة السعوديه ... وفي طريقنا كان هناك إطلاق نار كثيف
وقتلى ووصلنا السفاره ووجدنا سفيري الكويت وقطر ضمن رعاياهم
وبعض الأخوة من البحرين ورجال أعمال من الإمارات وبعد نصف ساعه ...
وصلت مدرعات الجيش و4 باصات ضد الرصاص وركبنا فيها وتوجهنا
للمطار الدولي عند ساعات الفجر الأولى ... وفي المطار سلّمونا
بطاقات خاصه نظراً لكثافة المسافرين من الدول الغربيه وكان
الوضع ينبئ إلى حرب دينيه خصوصاً أن قوات الجيش منقسمة بين
مؤيد للرئيس والإنقلابيين المسيحيين وتدخّلت بعض القوات الغربيه
المتواجده في الدول المجاوره مع الإنقلابيين وعند دخولنا ساحة
المطار في مكان يعجّ بالطائرات وجدنا المكان أشبه بساحة معركة
لم تبدأ حربها .... وانطلق الباص بنا بهدوء نحو الطائره ولم يكن
سريعاً حتى لا يشتبه به ويتم إطلاق النار عليه ... في هذه الأثناء
طارت من يدي بطاقة ركوب الطائره ... فقفزت من الباص للحاق
بالبطاقه وكان عمري آنذاك 11 سنه ... هنا إنطلقت الرشاشات في
السماء للتنبيه بوجود هارب وحين رأوني صغيراً لم يقتلوني وكان
الجيب المرافق للباص قد أنار إضاءة خضراء لإيقاف النار وحاصرتني
ثلاث سيارات من الجيش والتفتت خلفي فوجدت والدي رحمه الله
يركض ويصيح إنه إبني ... وحين وصلني ضمّني وسألني ما الذي دعاك
لتفعل ذلك بنا قلت خفت ألا أسافر معكم فلحقت ببطاقتي ... قبّل رأسي وقال:
هداك الله كدنا نموت معك وما إن وصلنا للرياض حتى توزّع بقية
المسافرين على طائرات لنقلهم لبلادهم .... إنتهت القصه ولم تنتهي
الحاجة لها ... فقد كان هناك حديث طفولة لم يتم سرده إنتظروني

الروح
03-19-2021, 12:33 PM
المميز نبض المشاعر ..
سرد قصصي رائع وتسلسل في الاحداث
يجعلنا نتوق بعد كل حدث لوصلنا بالآخر
كي تكتمل الصورة فندرك قيمة المشهد ..
الأفكار هنا مترابطة تأخذ القاريء
في رحلة عبر الزمن
لكل مكان ضمته فكرة وحدث
فنراها ونتذوق لذة ماحملته من مشاعر ..
...
المبدع نبض المشاعر ..
أنتظر آتيك بشوق وصدقاً لا أستطيع تخيل
ماستكون عليه احداث الجزء الثاني
وهذا مايميز القصة
اذ انك امتلكت عنصر الجذب والتشويق
وبيديك زرعت بداخلنا بذور الترقب
لتحيا بادرة الرغبة في معرفة القادم ..
دمت ودام ابداعك ومداد قلمك
ولك مني كل اعجابي واحترامي .
دمت بسعادة .
تحياتي .

النقاء
03-19-2021, 12:36 PM
هلا ومرحبا ملايين بك كاتبنا الرائع/ نبض المشاعر
نورت المدائن وسعدت بتواجدك. معنا

واعلم كم يحمل هذا القلب من مشاعر الجمال والروعة والذوق
حكاية الطفولة ومواقفها
ننتظر بقية الحكاية ولك الرد الذي يليق بسموك

اشكرك كثيرا..




تستحق الختم و التقييم ومكافئة المنتدى ....

سليدا
03-19-2021, 02:56 PM
الكاتب والقاص المبدع / نبض المشاعر

متعة في سرد الأحداث

عشنا معك لحظات الطفولة البريئة

عشنا معك لحظات أم حريصة ومجاهدة رحمها الله
وأب مكافح ومناظل في تأدية مهامه

قصصت لنا الأروع والأجمل

جزء ثري امتعتنا فيه

احسنت

اعجابي وتقيمي مع نجومي

واكرامك بالمكافأة

محبتي وتقديري لسموك

سليدا
03-19-2021, 02:57 PM
تمت الاضافة

مبروك

هادي علي مدخلي
03-19-2021, 03:58 PM
نبض المشاعر
كم هي رائعة ذكريات الطفولة
رحم الله والدتك واسكنها فسيح جناته
ورفع قدر والدك الذي خدم وطنه
وقدم رسالته على الوجه الذي يليق
وتبقى ذكرياتنا في المدرسة
لا نستطيع أن ننسى تفاصيلها الجميلة
فكم كنت نقياً وأنت تصفح عن زميل الدراسة
وأتوقع أن طعم الحلوى لايزال في فمك
رائع يا بنبض المشاعر في الوصف
سلمت وسلم قلمك
بداية رائعة سعدنا بها

نبض المشاعر
03-19-2021, 04:16 PM
http://www.boohalharf.com/vb/image.php?u=360&dateline=1615965812

أشكرك سيدتي ورد على هذا الحضور الذي شرّفني
وأول تواجد جميل قي قصتي
وممتنّ لهذه الكلمات والتعليق الرائع من سموّك سيدتي
ويختلف أيتها الأميره أذواق الحضور في المنتديات
وقد دعتني الأخت سقيا لهذا المنتدى الجميل
وترددت كثيراً في القصص التي أكتبها فحين لا أجدها ترتقي
لهذا المنتدى أحيلها لمنتديات ثانيه
أنا أشكرك كل الشكر أخت ورده حين أعدتيني مجدداً لهذا المنتدى
وأثمّن هذا الموقف لك وللأخت سقيا وأعدكم بما يليق
بهذا الصرح الشامخ ... كل الشكر لك أيتها الأميره

نبض المشاعر
03-19-2021, 04:21 PM
http://www.boohalharf.com/vb/image.php?u=302&dateline=1615571040

يا مرحبا بالنقاء .... الحمد لله انك متواجده هنا
سرّني كثيراً هذا التواجد وهذا التعليق الجميل
شاكر لك أخت النقاء على حروفك الثمينه من تعليقك
والقادم بمشيئة الله سيكون الأجمل ....
تحيتي وتقديري لك سيدتي

نبض المشاعر
03-19-2021, 04:28 PM
http://www.boohalharf.com/vb/image.php?u=9&dateline=1615925633

تعرفين أخت سليدا وش أجمل ما في هذا المنتدى
أن يتشرف الإنسان بكوكبة جميله من الكتّاب المميزين هنا
وهذا للمرة الثانيه أتوجّه بالشكر للأختين الفاضلتين على الدعوة
تعليقك لا يختلف عن تعليق من سبقك من حيث جمال الرد
وروعة المعنى والوصول للهدف الحقيقي من بناء القصة
شاكر لك سيدتي ولكافة أعضاء الإدارة الموقرين
تحيتي لك سيدتي

نبض المشاعر
03-19-2021, 04:33 PM
http://www.boohalharf.com/vb/image.php?u=2&dateline=1616079177
أولاً أخي هادي لتعرف كم هو شرف لي التواجد بمنتداك
ولولا الله عز وجل ثم بركة الأخت ورد لربما تهت عن العوده
ممتن كثيراً لتعليقك وحضورك وإشادتك بالقصه
والقادم بإذن الله سيكون الأجمل
كل الشكر والثناء لك أخي هادي ولهذا المنتدى الرائع

بُشْرَى
03-20-2021, 08:41 PM
.

.



وحديث الطفولة ماتعٌ وفيه تفاصيل لا تغيب عن الذاكرة
تفاصيلك ممتعة
وسردية قريبة للنفس
أحسنت النشر
واستهلال جميل منك


تقييمي وإعجابي






بُشْرَى

بدرية العجمي
03-21-2021, 12:16 AM
:eek:



السرد القصصي كأداة مهنية تصنع اندماجاً بين أعضاء الفريق، وتثير بواعث التحفيز لديهم.
القصص الناجحة هي التي تُقدم بقالب مُسلي وترفيهي وتثير الفضول لدى المستمع لمعرفة القادم، وتمزج بين الأسلوب الترفيهي والتعليمي وتكون منظمة ومختصرة وبسيطة تستطيع نقل الرسالة كما هي بسهولة، وتبقى في ذهن المستمع أو القارئ لفترة طويلة. يمكن تلخيص المكونات الرئيسية لأي قصة جيدة
وهنا احتوت
على شخصية واحدة وهذه الشخصية هي المفتاح لربط بأحداث القصة.
وكذلك الخاتمة: كل قصة جيدة لها خاتمة، لكن ليس بالضرورة أن تكون نهاية سعيدة. القصة الجيدة هي التي تترك الحكم على الخاتمة في يد الجمهور، ويطلق على هذا النوع من الخاتمة "النهاية المفتوحة".
وانت كذلك فعلت جعلتها مفتوحة ..انتهت ولم تنتهي
كم هو رائع هذا التضاد.. وسننتظر حديث طفولتك..


القدير (( نبض المشاعر ))
حضور يحمل الكثير من الابداع والوضوح
وكأنك تعزف على وتر البهاء..
قلم لا يشيخ ابداً ..ولك من الاوركيد ماتطوق
به قلبك



عابرة مرت من هنا..!!!

نبض المشاعر
03-21-2021, 10:05 AM
http://www.boohalharf.com/vb/image.php?u=20&dateline=1616000227
كل الشكر والتقدير لك أخت بشرى
على هذا التعليق الجميل
ممتن يا سيدتي بهذا الحضور
شكراً لك

نبض المشاعر
03-21-2021, 10:39 AM
http://www.boohalharf.com/vb/image.php?u=115&dateline=1615486318
ما شاء الله عليك أخت بدريه على هذا التعليق الجميل منك
وبأسلوبٍ نقديٍ أدبيّ مميّز من حيث موضوعية النقد الهادف
ولا من حيث إدراك فكرة القصة والهدف منها وأيضاً تفسيرها
ولا أنسى النقطة التي بدأتي فيها في مفهوم السرد القصصي
وتدرجتي في إيجاد عناصر القصة ومكوناتها كما أسميتيها
ويتركز جمال النقد في تعزيز مفهوم جماليات النهاية المفتوحه
والتي نتركها عادةً للقراء وكم هي سعادتي لمثل هكذا تعليق
والذي يجعلنا نهتم بما نكتب ونصحح أخطاءنا إن وجدت
كل الشكر والتقدير لك سيدتي ولروعة تعليقك ... تحيتي لك