المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عن الحنين


خالد الشوق
01-08-2021, 10:52 AM
.

.


يقال: كل من يعود للأماكن يفزعه الفراغ ..
الفراغ هنا اثنان
فراغ المكان من الأشخاص الذين ارتبطو به وارتبط بهم
والفراغ الآخر هو الذي نشعر به داخلنا حين نتذكر كل هؤلاء الذين عشنا معهم ولم نعد نراهم ولا حتى نعرف عنهم شيء
فراغ في الوجدان يحتويه الحنين لكل ما مضى
تخيل رائحة معينة في مكان محدد تنبثق من الذاكرة فجأة حين تقف في ذات المكان !!

لا ادري كيف تذكرت أم هيا زوجة العم مرزوق راعي البقالة في حارتنا
وقفت امام الباب وتذكرت رائحة صحن الشعيرية الذي تناولته منها لاوصله لامي
الحقيقة أني شممت الرائحة فعلا وشعرت بها تملأ انفاسي ..!
والعم مرزوق الذي كان "يخاصمنا" في كل مرة نلعب بالكرة
وقتها كنا نشعر بشيء من الكرهـ نحوه
ولأننا اطفال كنا ننسى الكراهية اذا صحونا من النوم
الآن اتذكر العم مرزوق رحمه الله ولا أجد بداخلي سوى الحب له والشوق لرؤية وجهه وسماع صوته
ولا اذكره حتى تنهال من اعماق روحي كل ما بقي في ذاكرتي من تلك الأيام التي لن تعود
وبالكاد أتجرع غصة في القلب و أتدارك ماء عيني الذي يغلبني أكثر الأحيان
هذه الذكريات لم تزل حية عالقة في الروح تستوطن الذاكرة، وتحمل معها كل شخوص الذين عاشوها

ومن هدايا الأقدار ان تجمعنا الصدف ببعض هؤلاء الإحبة
منصور من أولاد الحارة الظرفاء مشاغب يحب النكت ويُشخّصها
كبرنا وتفرقنا وانقطعت الأخبار سنوات كثيرة ..
كنت في زيارتي اليومية لأمي
دخلت كالمعتاد وفاجأتني بما لم يخطر لي على بال
خالد: اليوم سأل عنك شخص .. هل تدري من ؟
من ؟
واستمر حديث الالغاز مع الغالية
وفي نهاية المطاف قالت : هل تذكر جارنا حسن
اووووه اكيد منصور ...
و انهالت أسئلتي و إجاباتها
انتظرت موعده في الليل ولم يتأخر .. كانت دهشة و عناق طويل و اصوات تتداخل
يااااه، مين يصدق، واحشني، حبيبي أنت ...
قال : ترددت في طرق الباب و السؤال .. كان اغلب ظني اني لن اجد احد ابدا
مررت بالحارة وانا مشتاق للأيام الخوالي ولم يدر في خلدي ان احدا من اهل الحارة مازال موجودٌ فيها
لكني تغلبت على ظني وقلت لعل وعسى

مصادفة اخرى
ذات رحلة صيفية كنت في احد الاسواق في مدينة أبها
ودخلت سوبر ماركت وأثناء تجوالي سمعت صوت "شاكر" الذي اعرفه تماما ككل اصوات الأحبة
لم اتردد و هرولت نحو مصدر الصوت وإذا به شاكر بشحمه ولحمه
وتكرر نفس الموقف الذي كان مع منصور
أقل من إسبوعين كان هذان الموقفان اللذيذان بعد انقطاع دام ستة عشر عاما

صدفة و احدة و دهشة تُسقيك سعادة تملأ كل حيّز الفراغ بداخلك
تنسيك حتى الآمك الجديدة، تعيدك لذكرياتك الـ مازالت عالقة بذاكرتك التي تنشط فجأة
دائماً المدن العتيقة التي تحتفظ بملامحها اجمل مكان للأرواح التي تعرف الحنين
جدران المنازل تحدثك بصوت يسمعه قلبك، والأزقة الضيقة تكاد تحتضنك
ورغم البعد و مشاغل الحياة مازلت أتردد على الحارة التي خوت من كل اهلها
و اختفى الكثير من معالمها لكني احفظ تفاصيلها بدقة
ازورها كل فترة وخصوصا عندما أتأزّم فهي دواء الأحزان وراحة القلب
هناك رائحة الأحباب والزمن الجميل أجد نفسي نقيا سعيدا تصغر همومي و يذوب الحزن
مع ان صديقي "ابو آمنة" يقول انها تثير أحزانه وقد رافقني مرة ولم يكررها

عواد الهران
01-08-2021, 12:17 PM
بارك الله فيك .

والله يعطيك العافيه...

ماعرض يستحق المتابعه.

ولك الشكر والامتنان...

سُقيا
01-08-2021, 01:06 PM
،

للأحبّة طُقوس لا نَراها مَع غَيرهم وَ لا نعيشها بِكُل
تفاصيلها حتى في الغِياب وكيفَ يعبث الحَنين بِنا
إلا مَعهم تجدهُم يَملأون المكان بِعطرهم ، بِأنفاسِهم
كأنكَ في حُلم وصِراع مَع فقدك ، تَرى صُورهم وَ تسمع
أصواتهم الهادئة حتى يَضج اللعب والضحكات والربيع من جُدرانٍ
صَمدت بِصمتها طَويلاً .

خالد :

أرى هُنا شيء مِنا ، مِن كُل أحد فقدَ أحبّته واستوحشَته الوحدة وَ قادتهُ
ليالي الشوق لِلعشرة التي لا تهون والأيام اللاتُنسى .

دامَ إبداعك .

سلطان الزين
01-09-2021, 06:28 PM
لحروفك عمق لا يصلها الا صاحب التفكير السليم..
تحية مفعمه بالتقدير ودعوات وابتهالات تحفك بالخيرات
دام نزف قلمك الاخّاذ

لك الاحترام والتقدير

سليدا
01-09-2021, 07:03 PM
جعلت كل من يقرأ مقالك يعود لعشرين سنة مضت

لسنوات الطفولة والأصدقاء

لجلوسنا بالحارة

للمة الجيران والأهل والأحباب

للمدرسة والجامعة

بتذكر المكان نتذكر الاشخاص

حق الحنين لذكريات مضت يبعث فينا السعادة

مقال قيم خالد سررت بمتابعته

مشوق وممتع

مرت من هنا لتبصم بصمة الاعجاب والتقيم

مع اكرامك بهدية

سليدا

احمد الحلو
01-12-2021, 03:23 PM
مقال يشي بحضور جميل ورونق اخاذ

طرح راقي وثري وجهد مميز سلمت الايادي

سوسنتي الحلوة

احمد الحلو