مشاهدة النسخة كاملة : بريد بارد
ميلينا، ينبغي الانتهاء من هذه الرسائل المترنحة،
لقد حولتنا إلى مجانين. فلا يمكنني - على أية حال -
الاحتفاظ بزوبعة داخل غرفتي.*
*فرانز كافكا
بين ضفتين : يتأرجح الماء و وجهكِ
وقاربٌ لم تعد تغريه فكرة الطفو .
بالحديث عن وجهك : يفقد الليل هويته
والكل يصحو متأخرًا !.
أيضًا :
هذه الظلمة الحالكة ستنجلي ..
حينما جبينك!.
:
ماذا لو جاء الصبح دون : صباح الخير؟
أتظنين الستائر ستزاح عن نور؟
أنتِ ما أجتهدُ في إضماره ،
ولهذا غدوتُ أضحوكة المرايا .
في داخلكِ : راهبة وطفلة وشاعرة ..
حياتكِ يا امرأة حافلةٌ بالصراع .
::
:
في صدري .، مرتعٌ لكل شيءٍ لم يكتمل .
أيها الوهم :
أنت الحقيقة فيما يحدث!.
اليوم : كنتُ جادًا وأنا أعبر الطريق نحو اللاشيء .
كنا نتمشى جنبًا إلى جنب ثلاثتنا :
أنا وأنوشكا والفراق!.*
*ناظم حكمت
" غاتسبي " * ... أيها البائس الجميل :
اليأس هو كومةُ حقائب مملوءةً بالأماني ، مركونةً على رصيف الانتظار ،
في محطةٍ قد غادرها قطار العمر .
و النحس هو رجلٌ متأنق .. ذهبَ ليحتفل بـ حلمه ، فإذا به في مأتم .
أنا و أنت رفقاءُ وهْم ، عبثًا نطلبُ من شجرةٍ مورقة أنْ تطمئنّ للخريف ،
نحتمي من الرياح العاتية بما رقّ فينا .. و نرجو ألا يتمزق ،
نستعير من الماضي صورًا باهتة .. نعلقها على حائط الغد ، كـ حقيقةٍ مفادها :
ما زلنا على العهدِ أشقياء .
*بطل رواية ( غاتسبي العظيم ) لـ فتزجيرالد
بـ خيال ضحكتك .. أكنس من الشوارع كآبة العابرين .
إلى السيدة ( أ ) :
يكفي أنْ يكون عنوان رسالتكِ " صديقي اللدود " ..
لـ أفتح الرسالة بشعورِ مَن لا يفترض السوء
في الحقيقة _ لا أدري لماذا نبدأ كلامنا عادةً بهكذا مُستهل _
هل لأننا تعودنا الكذب أم لأننا نفترض في الآخرين تكذيبنا؟
لا عليكِ من السطر السابق فهو حشوٌ لا معنى له ،
أو لعل له معنىً يتداوله الجميع وليس ذا أهمية .
من الصعب يا صذيقتي أنْ يكتب صديقكِ
وهو يسكن مع امرأة ، وأخرى تسكنه!.
ومن الصعب كذلك أنْ يُقيم الكاتب علاقةً حميمةً
مع ورقةٍ على طاولة وفي جيبه ورقةٌ أخرى
تحوي أشياء تخصّ الطبخ .
في حال فكّرتِ في كتابة ردّ ..
آمل أنْ يكون خفيف الوطء ،
ولا تجتهدي ليكون صادماً أو لاذعاً لأنّ ذلك مضيعةُ مقت .
لا تصلّي يا صديقتي..
لا تستسقي*من أجل أنْ تَهبَ الغيمةُ مطرًا
ما جدوى أنْ يسقط المطر غزيرًا
حزينًا
كي يملأ سطرًا !.
إليّ :
أنا الموبوء بالقلق ، والشك ، وما يُغضبُ الطيبين .
المُحاصر بعلامات الاستفهام المعقوفة كـ رؤوس أسرى :
ما الجدوى؟
إلى متى؟
و لماذا؟
كُن رابط الجأش وانصرف،
وحيدًا ، منبوذًا ، ولا عليك أسف .
بكلماتٍ خجولة كـ أضواء القرى النائية ..
تبررين لؤم الخاتم في إصبعك!.
وأنا المفجوع المرتبك ، كي لا أؤلمك ..
أتلعثم : أتـ ـفـ ـهـ مك .
لو تعلمين :
أنتِ الورقة التي أراهن عليها - دائمًا -
وأعرف أنها بكل ربحٍ تُفاقم خسـارتي .
إلى الجميلة ( ن ) :
إذ " غدًا " تخلى عن كونه زمن!.
حتى أكون جديرًا بكِ ... أحتاج لكل ما تحتاجين ....
يكون في يدي قبل وقوفي أمامكِ مضطربًا كـ موجةٍ في بحرٍ مُستفَزّ .
لكنكِ تشيرين ناحية قلبي و تعنين : ذاك ما أحتاجه ،
و لأني أحبكِ - كما لا تفهمين - أجيبكِ ببلاهةٍ بالغة : كان معي قبل أنْ تكوني .
أنتِ الممكن يا صغيرتي .... الممكن جدًا .....
لو كنتُ أنا حقيقة .
أنتِ النجاةُ قبل الكارثة ، و الغاية الأخيرة عند الرمق ، لكني بفهمٍ قاصر .
تداركي قلبكِ ، تداركي أيامكِ ، لا تُعلّقي أحلامكِ على الأجنحة و تظنينها مشاجب .
ثمة ما يُشعرني بالانقباض ، و بالألم ، و بكل ما أخافه ... حينما تكونين على الضفة الأخرى برفقة الانتظار وأمنياتٍ بسيطة .
القوارب يا ( نون ) ... ألقتْ مجاديفها ، وسمحتْ للماء بالتسرب عبر أخشابها ،
لم تعد في حاجةٍ لكذبات المرافئ ، و تلويحات الراحلين .
فيما لو جاء الغد - إذ أيامي كلها أمس - سألتقيكِ ياروح ،
سأظل على مسافةٍ قريبة ... لوقتٍ طويل ،
تلك هي الأبدية في أوجها..... الأمر الذي لم يجرّبه الساعون للخلود ، الآتون من العدم .
لعلكِ تفهمين الآن : على مقربةٍ منكِ ... يمكن امتلاك الزمن ... و الأبعاد معًا . فكيف بالعناق؟
كيفك؟
..!
لا شيء ، فقط : قلبي يُقرئك السؤال
لـ ( ن ) جمرةً أخرى :
يا امرأة الملامح الهادئة ، الـ تعصف بذاكرتي.
من غمازتكِ الصغيرة : الفخ الجميل،
فـ ابتسامتكِ المائلة : بابُ جنةٍ موارب ، إلى شعركِ الداكن القصير : رغبةُ أصابعي في أن تصبح مشطًا .. و وجهي لو يصبح شالاً .
هناك أنا .. أجابه رياح تشرين ، وهفيفها يجعلني على المحك .
إنها العزلة .. قبيحةٌ كـ مصيدة ، وجميلةٌ كـ قصيدة ،
إنه العمر .. وبياضٌ بغيض ، يذكر الإنسان :
بأنّ الأحلام مضيعةُ وقت ، والغايات قطيعٌ أدرك الخطر ،
إنه أنا .. مستاءٌ مني ، ويحزنني أن أتمرغ في الغياب واحدًا
وحيدًا أو أقل ، وأنتِ تمدين يدًا للفراغ وتخطئين طيفي،
أو هو الذي يفوت فرصةَ أن يصبح ملاكًا .
كان حبكِ مرتسمًا فوق وجهي
الشذا في فمي
والرؤى في عيوني،
ولذا حينما أبصروني … أبصرونا معًا !.*
* محمد الفيتوري
للأعذار الواهية ، أقدم اعتذاري ..
للألم المترسب في الأعماق ولا يخون ثقتي ، أقدم شكري .
أنا المسكوب على الورق .. حرفًا من أرق ،
الذي لا يُرى إلا من ثقب الباب .. ولا يُروى إلا من سراب .
تهانيّ الباردة .. لأولئك الذين غادروا وحيدين..
بخُطىً متثاقلة تُواري نوايا الهرب ،
وتركوني كثيرًا .. محمّلاً بالوعود ، أو بالخيبات المؤجلة!.
مونولوج
- لماذا تكتب هنا؟
- لحصد الإعجاب ، الإعجاب الذي يجعلك تنتشي نشوةً باهتة ، لا تدوم طويلاً كـ عطرٍ رخيص .
أيضًا لطرد الأفكار المؤذية ، التي تدّعي الأهمية ولا وظيفة لها غير تعكير صفوك ، يمكنك القول أنّ الكتابة " عامل نظافة " .
- إذن لا مطامح أدبية خلف مساعيك هنا؟
- البتة ، بضغطة زر قد يختفي المنتدى للأبد ، وهو الأمر الذي حصل مراتٍ عديدة من قبل ، هذا بالطبع لو افترضنا - جدلاً - أنّ لديّ أدبًا يستحق الكتابة .. يستحق القراءة .
- لمَ تشعر بالضيق؟
- لصعوبة العثور على أغنيةٍ جيدة ، أغنيةٌ تجعلك قابلاً للتمدد .. للتبدد ، تنتشلك من واقعك الرتيب وتقذف بك في اللا هنا .. في اللا هناك .. فيما تتخيله وطنًا ولا يخذلك .
صديقي القديم …
ليتنا لم نلتقِ بعد هذي السنين ،
لم تتغير ، لكني للتوّ عرفتك : طيبٌ ساذج ، ذو اهتماماتٍ سخيفة ،
وتنشر الضجر بكمياتٍ هائلة ، حد أن ساعة المقهى تعطلت .
وأنا صعلوكٌ مثقف - شبه مثقف لو تحرينا الدقة - ،
أفسدتني الكتب الجريئة والتجارب الفاشلة ،
ومزاجي سيئ على الدوام ..
لا تفلح معه جرعات الرفقة الطيبة سريعة المفعول .
بحق الذكريات المنسية ، و نزق المراهقة ، والصور المهترئة ،
سامحني حين أقول لك ما قاله " لوركا " لصاحبه وهو يودعه :
( لن أصافحك ، حتى لا يخالطك ارتياب .. أننا سنلتقي مجددًا !. ) .
الرغبة لا تكفي بلا موهبة
أيها الكاتب الفذ ، عملاق الأدب :
قد بلغتَ من العمر عتيا ..
ولم تؤلف كتابًا واحدًا .
آمل أن النعوت الصفراء لم تنطلِ عليك ،
آمل - قبل ذلك - أن الذي أزف ليس وقتك بل ثقتك .
ترجّل يا رجل .. واسترح أسفل التل .
أصغِ للصوت الدؤوب ، الآتي من الشرخ العميق ..
منك إليك .. من جهلك بك .. وهو يهمس :
كذبَ المُعجبون ولو صفّقوا !.
.
.
تأثمين …
و دائمًا تسبق مغفرتي ضميرك!..
فـ كيف تتوبين؟
لـ المدائن :
الأسماء الملونة كـ حقل زهورٍ في لوحة ،
لن تُشعرك بالربيع!.
الأرقام الضخمة كـ أوهام المحبطين ،
لا تعني الامتلاء!.
المكان شبه مهجور .. وأخشى - بعد حين -
أن يستوطنه الخراب .. أيها الغيّاب .
تهنئة رمادية
بداهةً - و أنا لا أتغزل - لا يمكن الاحتفال بيوم ميلادك ،
بل هو يومٌ مناسبٌ لتبادل الشتائم
وازدراء هذه الدنيا وتحقيرها .
غداً يحوي في معناه أنّ عمركِ نقصَ سنةً أخرى ..
و لا أظن تناقصَ شيءٍ جميل مدعاةٌ للابتهاج .
هكذا يمكنني أنْ أهنئكِ على طريقتي :
سُحقاً لحياةٍ تُمنح لكِ محدودةً مثل البقية .
*****
نأتي للصدمة…
الخيبة الكبيرة التي تعرّض لها حدسي ،
صورتكِ التي جاءتْ كخبرٍ سيّيء قبل شروعٍ في احتفال ،
صورتكِ : الإبرة ..، و تحفزّي : بالونٌ في يد طفلة .
ليتكِ كنتِ بشعةً لأتحلّى برباطة الجأش حينَ مواجهة ،
ليت وجهكِ- على الأقل - يصلح على غلاف مجلةٍ للموضة ،
و لكن للأسف - و هو أسفٌ شديد للغاية -
جاء وجهكِ مخيّباً لكل تطلعاتي البسيطة .
خذيها بصدقٍ وأتمنى أن تأتي ردة فعلكِ متهكمةً كالمعتاد :
وجهكِ أعرفه تمامًا ، صادفته في روايةٍ عميقة ،
تحسسته بأناملي بعد جولةِ قطفٍ في حديقة ،
قبّلته مراتٍ عديدة .. تحت جفنيّ ،
و كنتُ أحرص على حمله في حقيبتي حين أقرر الرحيل أبعد من أرنبة أنفي .
31/12/2010
( أ ) :
تذبلين وتزدادين روعة ،
هذا ما يُميزك عن الزهور .
vBulletin® v3.8.11, Copyright ©2000-2024, TranZ by Almuhajir