الغيث
07-31-2022, 04:31 PM
وهنا يقول الباحث ( الجيلاني ) : إن الصيغ ووحدات الإنشاء المتكررة تتمثل في أداة النداء والمنادى ( يا زيدية ) و ( يا مزيدية ) و ( حت حبك ) و ( ولعت قلب غافل حتى حبك ) .
ويقول : إن هذه الصيغ ووحدات الإنشاء سنجد الكثير منها في شعر ( الطارق ) فهي تساعد الشاعر الشفاهي الذي لا يقرأ ولا يكتب ( غالبا ) ، وليس لمرجعياته أثر محسوس على الورق ، وإنما مرجعياته في ذاكرته وخبرات أذنه أن يضيف بسهولة وينشئ بيسر انطلاقا منها )) .
وبعد هذه الاستفاضة في شعر الردود وفن الطارق واستعراض بعض أقوال المهتمين بالبحث فيه فإني أقول : إن هذا النوع من الشعر العذب والجميل لهو من أروع إبداعات الشعر الشفاهي المحبب إلى النفوس ، ورغم مرور الفترات الزمنية المتعاقبة عليه إلا أننا نجد من يحتفظ به في ذاكرته ويردده في بعض المناسبات ، وقلَّ أن تجد مناسبة أو مجلسا أو منبرا إعلاميا أو موقعا ألكترونيا لا يُتداول فيه هذا الشعر حتى وإن لم يعرف قائله فيتداول على اعتباره من الموروث .
وفي اعتقادي أن ما نجده من هذا الشعر متداولا حتى الآن ولا يعرف قائلوه يرجع إلى عدة أسباب منها : رحيل من قالوه ومن نقلوه عنهم ، مرور فترات زمنية طويلة على ذلك ، عدم القيام بتدوينه من قبل المهتمين بذلك ، وأسباب أخرى كثيرة ذكرها الباحث ( علوان الجيلاني ) في كتابه : ( امناجي ثوَّاب .. وكوميديا الألم ) إذ يقول : (( إن صعوبات الكتابة في هذا المجال ( مجال توثيق الشعر الشفاهي ) ، أو ما يجري مجراه من فنون شعبية وعادات وتقاليد لا تقتصر على مشاق البحث والجمع ، وما يتطلبه ذلك الجمع والبحث من إلحاح على الرواة وقطع المسافات وبذل النفقات من أجل تحصيل المادة المروية ، بل يتعداه إلى ماهو أصعب وأهم وهو الغرق في بحار الشروح والتفسيرات للألفاظ والمصطلحات والتعابير التي ارتبطت بزمن وأحداث وثقافة لم يعد الكثير منها موجودا اليوم ، وهي في نفس الوقت واردة ضمن سياقات شفاهية غير مكتوبة وغير موثقة بأي شكل من أشكال التوثيق إلا ذاكرات الرواة التي لا يمكن أن يبقيها الزمن على حال ، فما يبقى لنا منها هو ما يبقى في المنخل مما يستعصي على السقوط .
ثم إن هذا المجال وعر المسالك ، لم تمهده الأقلام من قبل ، ولا سلكته ألسنة المثقفين ومناهج الباحثين ، فالدخول إليه دخول إلى أرض بكر يحتاج افتراعها إلى همة غير عادية .
كما أن التعبير عنها بلغة مكتوبة ، معلومة المصطلحات ، موثقة التعابير ، مرصودة التطور يعد مشكلة كبيرة ، فأنت لا تفسر ملفوظا بملفوظ يساويه أو يقترب منه في الدلالة ، إذ إن القول الشفاهي ـــــ وخاصة قبل ستين سنة ــــــ لا يختلف عن الفصيح في مباني الألفاظ وما يتعلق بالنحو والصرف فحسب ، بل يختلف أكثر فيما يتعلق بالانزياحات البلاغية والدلالية التي تحملها لهجة خاصة تعتمد في ثروتها الدلالية على التناص مع البيئة وجيراننا فيها )) .
أما الطارق في منطقتنا التهامية ، وأعني بها تهامة المخلاف السليماني ( منطقة جازان حاليا ) ، فهو يأتي في ألحان ومطالع متعددة ـــــ كما علمت من أحد المهتمين بهذا اللون الشعبي الجميل ـــــ وهي على النحو التالي :
1 ـــــ الطارق المسرحي : وهو ما كان يطلق عليه باليماني وينحصر في النواحي الجنوبية من منطقة جازان من حدود صامطة إلى آخر حدود أحد المسارحة ، ويتصف هذا النوع بقصر النفس .
2ــــــ طارق وادي جازان ويشمل أبا عريش ونواحيها ، ومدينة جيزان وما حولها إلى نواحي ضمد شمال شرق المدينة ، وهو يتسم بالنفس الطويل .
3 ـــــ الطارق الشامي ، من نواحي صبيا شمالا إلى نواحي بيش ، وهو ما كان يعرف بالطارق الشامي ، ويتيم بالنفس المتوسط ( بين الطويل والقصير ) .
4 ـــــ الطارق الساحلي ، ويتغنى به في نواحي ساحل الجعافرة ، ويتسم بالنفس الطويل .
5 ـــــ الطارق الحلاوي ، ويتغنى به في نواحي الدرب إلى حلي بن يعقوب ، ويتسم بالنفس الطويل نسبيا .
6 ـــــ طارق النجوع أو الحزون ، ويتغنى به في جهات هروب ومشلحة ونواحيهما ويتسم بالنفس القصير .
ويتبع هذه الأنواع الأداء بالناي ، وهو مابين طويل المدود في الجهات الجنوبية من المنطقة ، وقصير المدود في الوادي وشمال جازان وساحلها .
وتحضرني بعض الأسماء ممن يجيدون ، أو كانوا يجيدون فن الطارق في منطقة جازان مثل : العم عبده فقيهي من أحد المسارحة ، العارجي ــــ يرحمه الله ـــــ من ساحل الجعافرة ، العم عبدالله موسى جعفري ، الشاعر الأعمى ، العم إبراهيم شعري من بيش ، مذكر أبو عجرة من ضمد ، وغيرهم .
وبعد هذه الاستفاضة عن شعر الطارق رأيت أن أورد بعض النماذج من هذا الفن الجميل المتداول بين الناس ، وهو من الموروث ، وأغلبه لا يعرف قائلوه ؛ لمرور ردحة طويلة من الزمن عليه ، وعدم القيام بتدوينه سابقا :
الطرق
يا اللي على أول حُفُّتُه حار شوبه
وكثــــِّـة امجُعْبَــــــه مـــــع ريـــــــح دهانا
الرد
في سُب لجْحَه عندنا حارشوا به
الله يدهــــــي مَن بفرقـــــــــاه دهــــــــانا
.................................................. ...............
الطرق
صيد الخـــلا دوِّر لروحــك لِمَنْجا
واطلع جبال امعاليه وامسي فيها
الرد
حذارك لا تعطي كلامـي لمن جا
واحذر تودِّي كلامـــــي امســــفيها
.................................................. .............
الطرق
دوش امجبل ما هو كدوش امتهايم
دوش امجبل تسري على رايحه له
الرد
أنا بِـــــري والنــــــاس حــــــــولي تهايــــــم
ما حَــــــد يخلــــــــونه علــــى راي حاله
.................................................. ...................
الطرق
يا دوش في امحيضان وِدي بِريحك
متركِّـــن امحيضـــــــان وصغــــــار دايــــــم
الرد
هبني معك في امْكُمْ وِدي بريحــك
يا ليــــــتنا جيـــــــــــران وصغـــــــار دايـــــــم
.................................................. .....................
المطلع
حَب في المجران واحنا نحبه
وما يكال بالربع والصاع جايز
الرد
امزين ما له لجح واحنا نحبه
لو كان تشا ملقاه وصى عجايز
.................................................. ................
المطلع
نظرت من الباب اليماني أرى بيش
ولا نزلـــــــــنا الحديـــــــــــــدة أرى ابـــــــها
الرد
من بعــــد ما راحـت عيـوني أرى بيش
يا رب تحــــيـــي لي عيــــــــــــوني أرى بها
.................................................. .............
المطلع
صيد ما يشرب طلاحب ولا حقال
وعلى موارد مسيـــــــله طــــم شـــــارب
الرد
امزيـــــن لو تلمس ذراعــــه ولح قال
مضمون يا خــــده مقد طمه شارب
.................................................. ..............
المطلع
بياضية في امحوض هبني عليها
عند اهلها ما طرَّفــــوها لقطَّـــــاف
الرد
ظبيـــــة وقلبـــــي قـــد تولَّـــه عليـــــها
يفرح بها فرحة ملبي لقد طاف
***
>::>::>::
............................................
= علوان مهدي الجيلاني ، الدراسة السابقة .
= علوان مهدي الجيلاني ، ( امناجي ثواب .. وكوميديا الألم ) .
= الزميل محمد هزاع مهدي ، أحد المهتمين بالتراث الشعبي في المنطقة ، مقابلة في 17 / 3 / 1438ه ، مدينة جيزان .
ويقول : إن هذه الصيغ ووحدات الإنشاء سنجد الكثير منها في شعر ( الطارق ) فهي تساعد الشاعر الشفاهي الذي لا يقرأ ولا يكتب ( غالبا ) ، وليس لمرجعياته أثر محسوس على الورق ، وإنما مرجعياته في ذاكرته وخبرات أذنه أن يضيف بسهولة وينشئ بيسر انطلاقا منها )) .
وبعد هذه الاستفاضة في شعر الردود وفن الطارق واستعراض بعض أقوال المهتمين بالبحث فيه فإني أقول : إن هذا النوع من الشعر العذب والجميل لهو من أروع إبداعات الشعر الشفاهي المحبب إلى النفوس ، ورغم مرور الفترات الزمنية المتعاقبة عليه إلا أننا نجد من يحتفظ به في ذاكرته ويردده في بعض المناسبات ، وقلَّ أن تجد مناسبة أو مجلسا أو منبرا إعلاميا أو موقعا ألكترونيا لا يُتداول فيه هذا الشعر حتى وإن لم يعرف قائله فيتداول على اعتباره من الموروث .
وفي اعتقادي أن ما نجده من هذا الشعر متداولا حتى الآن ولا يعرف قائلوه يرجع إلى عدة أسباب منها : رحيل من قالوه ومن نقلوه عنهم ، مرور فترات زمنية طويلة على ذلك ، عدم القيام بتدوينه من قبل المهتمين بذلك ، وأسباب أخرى كثيرة ذكرها الباحث ( علوان الجيلاني ) في كتابه : ( امناجي ثوَّاب .. وكوميديا الألم ) إذ يقول : (( إن صعوبات الكتابة في هذا المجال ( مجال توثيق الشعر الشفاهي ) ، أو ما يجري مجراه من فنون شعبية وعادات وتقاليد لا تقتصر على مشاق البحث والجمع ، وما يتطلبه ذلك الجمع والبحث من إلحاح على الرواة وقطع المسافات وبذل النفقات من أجل تحصيل المادة المروية ، بل يتعداه إلى ماهو أصعب وأهم وهو الغرق في بحار الشروح والتفسيرات للألفاظ والمصطلحات والتعابير التي ارتبطت بزمن وأحداث وثقافة لم يعد الكثير منها موجودا اليوم ، وهي في نفس الوقت واردة ضمن سياقات شفاهية غير مكتوبة وغير موثقة بأي شكل من أشكال التوثيق إلا ذاكرات الرواة التي لا يمكن أن يبقيها الزمن على حال ، فما يبقى لنا منها هو ما يبقى في المنخل مما يستعصي على السقوط .
ثم إن هذا المجال وعر المسالك ، لم تمهده الأقلام من قبل ، ولا سلكته ألسنة المثقفين ومناهج الباحثين ، فالدخول إليه دخول إلى أرض بكر يحتاج افتراعها إلى همة غير عادية .
كما أن التعبير عنها بلغة مكتوبة ، معلومة المصطلحات ، موثقة التعابير ، مرصودة التطور يعد مشكلة كبيرة ، فأنت لا تفسر ملفوظا بملفوظ يساويه أو يقترب منه في الدلالة ، إذ إن القول الشفاهي ـــــ وخاصة قبل ستين سنة ــــــ لا يختلف عن الفصيح في مباني الألفاظ وما يتعلق بالنحو والصرف فحسب ، بل يختلف أكثر فيما يتعلق بالانزياحات البلاغية والدلالية التي تحملها لهجة خاصة تعتمد في ثروتها الدلالية على التناص مع البيئة وجيراننا فيها )) .
أما الطارق في منطقتنا التهامية ، وأعني بها تهامة المخلاف السليماني ( منطقة جازان حاليا ) ، فهو يأتي في ألحان ومطالع متعددة ـــــ كما علمت من أحد المهتمين بهذا اللون الشعبي الجميل ـــــ وهي على النحو التالي :
1 ـــــ الطارق المسرحي : وهو ما كان يطلق عليه باليماني وينحصر في النواحي الجنوبية من منطقة جازان من حدود صامطة إلى آخر حدود أحد المسارحة ، ويتصف هذا النوع بقصر النفس .
2ــــــ طارق وادي جازان ويشمل أبا عريش ونواحيها ، ومدينة جيزان وما حولها إلى نواحي ضمد شمال شرق المدينة ، وهو يتسم بالنفس الطويل .
3 ـــــ الطارق الشامي ، من نواحي صبيا شمالا إلى نواحي بيش ، وهو ما كان يعرف بالطارق الشامي ، ويتيم بالنفس المتوسط ( بين الطويل والقصير ) .
4 ـــــ الطارق الساحلي ، ويتغنى به في نواحي ساحل الجعافرة ، ويتسم بالنفس الطويل .
5 ـــــ الطارق الحلاوي ، ويتغنى به في نواحي الدرب إلى حلي بن يعقوب ، ويتسم بالنفس الطويل نسبيا .
6 ـــــ طارق النجوع أو الحزون ، ويتغنى به في جهات هروب ومشلحة ونواحيهما ويتسم بالنفس القصير .
ويتبع هذه الأنواع الأداء بالناي ، وهو مابين طويل المدود في الجهات الجنوبية من المنطقة ، وقصير المدود في الوادي وشمال جازان وساحلها .
وتحضرني بعض الأسماء ممن يجيدون ، أو كانوا يجيدون فن الطارق في منطقة جازان مثل : العم عبده فقيهي من أحد المسارحة ، العارجي ــــ يرحمه الله ـــــ من ساحل الجعافرة ، العم عبدالله موسى جعفري ، الشاعر الأعمى ، العم إبراهيم شعري من بيش ، مذكر أبو عجرة من ضمد ، وغيرهم .
وبعد هذه الاستفاضة عن شعر الطارق رأيت أن أورد بعض النماذج من هذا الفن الجميل المتداول بين الناس ، وهو من الموروث ، وأغلبه لا يعرف قائلوه ؛ لمرور ردحة طويلة من الزمن عليه ، وعدم القيام بتدوينه سابقا :
الطرق
يا اللي على أول حُفُّتُه حار شوبه
وكثــــِّـة امجُعْبَــــــه مـــــع ريـــــــح دهانا
الرد
في سُب لجْحَه عندنا حارشوا به
الله يدهــــــي مَن بفرقـــــــــاه دهــــــــانا
.................................................. ...............
الطرق
صيد الخـــلا دوِّر لروحــك لِمَنْجا
واطلع جبال امعاليه وامسي فيها
الرد
حذارك لا تعطي كلامـي لمن جا
واحذر تودِّي كلامـــــي امســــفيها
.................................................. .............
الطرق
دوش امجبل ما هو كدوش امتهايم
دوش امجبل تسري على رايحه له
الرد
أنا بِـــــري والنــــــاس حــــــــولي تهايــــــم
ما حَــــــد يخلــــــــونه علــــى راي حاله
.................................................. ...................
الطرق
يا دوش في امحيضان وِدي بِريحك
متركِّـــن امحيضـــــــان وصغــــــار دايــــــم
الرد
هبني معك في امْكُمْ وِدي بريحــك
يا ليــــــتنا جيـــــــــــران وصغـــــــار دايـــــــم
.................................................. .....................
المطلع
حَب في المجران واحنا نحبه
وما يكال بالربع والصاع جايز
الرد
امزين ما له لجح واحنا نحبه
لو كان تشا ملقاه وصى عجايز
.................................................. ................
المطلع
نظرت من الباب اليماني أرى بيش
ولا نزلـــــــــنا الحديـــــــــــــدة أرى ابـــــــها
الرد
من بعــــد ما راحـت عيـوني أرى بيش
يا رب تحــــيـــي لي عيــــــــــــوني أرى بها
.................................................. .............
المطلع
صيد ما يشرب طلاحب ولا حقال
وعلى موارد مسيـــــــله طــــم شـــــارب
الرد
امزيـــــن لو تلمس ذراعــــه ولح قال
مضمون يا خــــده مقد طمه شارب
.................................................. ..............
المطلع
بياضية في امحوض هبني عليها
عند اهلها ما طرَّفــــوها لقطَّـــــاف
الرد
ظبيـــــة وقلبـــــي قـــد تولَّـــه عليـــــها
يفرح بها فرحة ملبي لقد طاف
***
>::>::>::
............................................
= علوان مهدي الجيلاني ، الدراسة السابقة .
= علوان مهدي الجيلاني ، ( امناجي ثواب .. وكوميديا الألم ) .
= الزميل محمد هزاع مهدي ، أحد المهتمين بالتراث الشعبي في المنطقة ، مقابلة في 17 / 3 / 1438ه ، مدينة جيزان .