الغيث
07-25-2022, 03:15 PM
تحليلات البردوني السابقة أتت كمدخل لدراسة الفنون الشعبية التهامية ، وإن كانت هنا من منظوره الخاص ببلاد اليمن ، إلا أن الشق التهامي اليمني له ارتباط وثيق بتهامة المخلاف السليماني ( منطقة جازان ) كما وضحنا وسنوضح لاحقا .
ومن هنا يقول البردوني :" غير أن اللهجات تختلف في تركيبها الفني عن أدائها نطقا ، فقل ما يفهم ( الجبلي ) تركيب الأغنية التهامية ، وقل ما يفهم التهامي تركيب الأغنية ( الصَّعْدِيَّة ) و ( البريمية ) ، وإن كانت اللغة لا تهم في الأغنية باعتبارها أداء صوتيا يملك المعطيات الإطرابية ، غير أن هذا لم يكن خاصا في الأغنية التهامية ، وإنما يقع هذا اللبس في فهم الأغنية الجبلية عند الجبلي ، والحريبي .
ويسوق البردوني أمثلة على ذلك ببعض المقاطع الأدائية التي يتضح منها أن التركيب الشعري يغير الكلمات بتغيير علاقاتها في التركيب بالحياة والأشياء .
وربما أوافق الأديب البردوني في تحليله هذا من أن الألوان الغنائية الأدائية الشعبية لا تخضع لمعايير اللغة الفصحى ، أو البلاغة ، وإن التزمت بالأوزان والقوافي الخاصة بها ، واتخذ بعضها مسار المجانسة البديعية .
ويتابع البردوني تحليلاته واستنتاجاته في الفنون التهامية بقوله :" فلغة الشعر الشعبي تختلف في تركيبها وفي اشتقاقها عن مألوف الحديث وتنتقي منه أصلح المفردات وأكثرها دلالة ، ولا تتضح المفردة إلا بأختها أو المقابل لها في التركيب . كالشعر الفصيح كلاهما تفكير بالكلمات للرمز عن الأشياء مهما اختلفت نوعية الرمز ".
ربما نستنتج من هذا القول أن الشعر الشعبي له مفرداته الخاصة التي تختلف عن مفردات الحديث العام ، أو الشعر الفصيح ؛ ذلك لأنها مرتبطة باللغة العامية واللهجة المحلية ، وإن نظرنا إلى الشطر الواحد في المقطع الشعبي نجد أن مفرداته تفسر بعضها البعض ، ولا يمكن فهم مفردة بعينها إلا بما يتبعها من تراكيب تابعة ( مفردات ) .
وإن عدنا إلى البردوني نجده يستخلص من قوله السابق الآتي : أن معجم الشعر الشعبي في جملته يحتاج إلى الفهم الشعري ، وإلى معرفة طريقة الشاعر في الاشتقاق والجمع ، وكيفية استخدام الكلمة تركيبا وخدمتها شعوريا .
ولتوضيح الفرق بين الشعر الشعبي ومألوف الحديث يعقد البردوني مقارنة بين الحكاية الشعبية والشعر الشعبي فيقول :" وإن كانت الحكاية الشعبية شفهية وغير مكتوبة ، ومثلها الشعر الشعبي ، فإن الحكاية الشعبية يمكن للحكَّاء فيها أن يروي معانيها بأي لهجة ، بل ويمكنه أن يزيد من أحداث الحكاية أو ينقص ، بمقدار شهوة الاستماع ، وبراعة الحاكي ، وحساسية الموضوع ، في حين أن القصيدة العامية كالفصحى ، لا تقبل تغيير لغتها حتى ولو كانت غير مكتوبة ؛ لأنها مضبوطة بالأوزان والقوافي والإيقاع العام ، ولا تقبل الزيادة إلا من جنس نظمها ومعجمها وموضوعها العام ، وإن كان ثم اختلاف بين معجم الشعر ولهجة الأحاديث في المنطقة الواحدة أو المتجاورات ، فإن اللغة الغنائية التهامية أكثر اختلافا باختلاف المناخ ، واختلاف الميراث المعجمي ، ولعل اللهجة التهامية أغنى بالمفردات الحميرية القديمة ، وبلهجة المناطق السواحلية المجاورة ".
ولعلي ــــــ شخصيا ــــــ أفهم من القول السابق أن الشعر سواء كان شعبيا أم فصيحا ، فهو يختلف في متنه عن تراكيب ومفردات الحكاية الشعبية ، فالحكاية الشعبية ـــــ كما قال البردوني ــــــ قابلة للمط والإضافة حسب براعة الحاكي ، وتشوُّق وانفعال المتلقي وتفاعله معه ، كذلك يمكن أن يحكيها بلهجته المحلية التي تختلف عن لهجة الحكاية الأصل ، بينما في الشعر الشعبي فإن الزيادة أو تغيير المفردة يُنشئ إرباكا في فهم الموضوع ، ويوجِدُ خللا في التركيب الذي ربما أخرج الشطر عن مدلولاته التي وضعها شاعره الأصلي .
وقد صنف البردوني الفنون التهامية اليمنية إلى :
1 ـــــ الموال البحري .
2 ــــــ الغناء الشامي .
3 ــــــ الطارق .
4 ـــــ أغاني الرعاة .
***
>::>::>::
.................................................. ......
= يقصد بها منطقة الجبال .
= يقصد الألوان الشعبية الأدائية في تهامة وفي المنطقة الجبلية .
= عبدالله البردوني ، فنون الأدب الشعبي في اليمن ، فنون تهامية ، ص 341 .
= المصدر السابق ، نفس الصفحة .
= المصدر السابق ، ص 342 .
= المصدر السابق ، ص 343 .
= المصدر السابق ، نفس الصفحة .
= تعريف الشهر من العادات القديمة في طقوس الوفاة ، حيث يستمر الحزن على الميت فترة طويلة لأهله ، وفترة أقصر لأقاربه ، وشهرا واحد أو شهرين
ومن هنا يقول البردوني :" غير أن اللهجات تختلف في تركيبها الفني عن أدائها نطقا ، فقل ما يفهم ( الجبلي ) تركيب الأغنية التهامية ، وقل ما يفهم التهامي تركيب الأغنية ( الصَّعْدِيَّة ) و ( البريمية ) ، وإن كانت اللغة لا تهم في الأغنية باعتبارها أداء صوتيا يملك المعطيات الإطرابية ، غير أن هذا لم يكن خاصا في الأغنية التهامية ، وإنما يقع هذا اللبس في فهم الأغنية الجبلية عند الجبلي ، والحريبي .
ويسوق البردوني أمثلة على ذلك ببعض المقاطع الأدائية التي يتضح منها أن التركيب الشعري يغير الكلمات بتغيير علاقاتها في التركيب بالحياة والأشياء .
وربما أوافق الأديب البردوني في تحليله هذا من أن الألوان الغنائية الأدائية الشعبية لا تخضع لمعايير اللغة الفصحى ، أو البلاغة ، وإن التزمت بالأوزان والقوافي الخاصة بها ، واتخذ بعضها مسار المجانسة البديعية .
ويتابع البردوني تحليلاته واستنتاجاته في الفنون التهامية بقوله :" فلغة الشعر الشعبي تختلف في تركيبها وفي اشتقاقها عن مألوف الحديث وتنتقي منه أصلح المفردات وأكثرها دلالة ، ولا تتضح المفردة إلا بأختها أو المقابل لها في التركيب . كالشعر الفصيح كلاهما تفكير بالكلمات للرمز عن الأشياء مهما اختلفت نوعية الرمز ".
ربما نستنتج من هذا القول أن الشعر الشعبي له مفرداته الخاصة التي تختلف عن مفردات الحديث العام ، أو الشعر الفصيح ؛ ذلك لأنها مرتبطة باللغة العامية واللهجة المحلية ، وإن نظرنا إلى الشطر الواحد في المقطع الشعبي نجد أن مفرداته تفسر بعضها البعض ، ولا يمكن فهم مفردة بعينها إلا بما يتبعها من تراكيب تابعة ( مفردات ) .
وإن عدنا إلى البردوني نجده يستخلص من قوله السابق الآتي : أن معجم الشعر الشعبي في جملته يحتاج إلى الفهم الشعري ، وإلى معرفة طريقة الشاعر في الاشتقاق والجمع ، وكيفية استخدام الكلمة تركيبا وخدمتها شعوريا .
ولتوضيح الفرق بين الشعر الشعبي ومألوف الحديث يعقد البردوني مقارنة بين الحكاية الشعبية والشعر الشعبي فيقول :" وإن كانت الحكاية الشعبية شفهية وغير مكتوبة ، ومثلها الشعر الشعبي ، فإن الحكاية الشعبية يمكن للحكَّاء فيها أن يروي معانيها بأي لهجة ، بل ويمكنه أن يزيد من أحداث الحكاية أو ينقص ، بمقدار شهوة الاستماع ، وبراعة الحاكي ، وحساسية الموضوع ، في حين أن القصيدة العامية كالفصحى ، لا تقبل تغيير لغتها حتى ولو كانت غير مكتوبة ؛ لأنها مضبوطة بالأوزان والقوافي والإيقاع العام ، ولا تقبل الزيادة إلا من جنس نظمها ومعجمها وموضوعها العام ، وإن كان ثم اختلاف بين معجم الشعر ولهجة الأحاديث في المنطقة الواحدة أو المتجاورات ، فإن اللغة الغنائية التهامية أكثر اختلافا باختلاف المناخ ، واختلاف الميراث المعجمي ، ولعل اللهجة التهامية أغنى بالمفردات الحميرية القديمة ، وبلهجة المناطق السواحلية المجاورة ".
ولعلي ــــــ شخصيا ــــــ أفهم من القول السابق أن الشعر سواء كان شعبيا أم فصيحا ، فهو يختلف في متنه عن تراكيب ومفردات الحكاية الشعبية ، فالحكاية الشعبية ـــــ كما قال البردوني ــــــ قابلة للمط والإضافة حسب براعة الحاكي ، وتشوُّق وانفعال المتلقي وتفاعله معه ، كذلك يمكن أن يحكيها بلهجته المحلية التي تختلف عن لهجة الحكاية الأصل ، بينما في الشعر الشعبي فإن الزيادة أو تغيير المفردة يُنشئ إرباكا في فهم الموضوع ، ويوجِدُ خللا في التركيب الذي ربما أخرج الشطر عن مدلولاته التي وضعها شاعره الأصلي .
وقد صنف البردوني الفنون التهامية اليمنية إلى :
1 ـــــ الموال البحري .
2 ــــــ الغناء الشامي .
3 ــــــ الطارق .
4 ـــــ أغاني الرعاة .
***
>::>::>::
.................................................. ......
= يقصد بها منطقة الجبال .
= يقصد الألوان الشعبية الأدائية في تهامة وفي المنطقة الجبلية .
= عبدالله البردوني ، فنون الأدب الشعبي في اليمن ، فنون تهامية ، ص 341 .
= المصدر السابق ، نفس الصفحة .
= المصدر السابق ، ص 342 .
= المصدر السابق ، ص 343 .
= المصدر السابق ، نفس الصفحة .
= تعريف الشهر من العادات القديمة في طقوس الوفاة ، حيث يستمر الحزن على الميت فترة طويلة لأهله ، وفترة أقصر لأقاربه ، وشهرا واحد أو شهرين