عرض مشاركة واحدة
قديم 10-05-2020, 03:30 AM   #27
وه


الصورة الرمزية جابر محمد مدخلي
جابر محمد مدخلي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5
 تاريخ التسجيل :  Sep 2020
 أخر زيارة : 05-16-2024 (11:15 PM)
 المشاركات : 38,523 [ + ]
 التقييم :  105964
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~

لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي الرسالة الخامسة والعشرون




25
صعُب على داخلي أن يميز بين أحزانه وأفراحه معك. لقد أصبح مثل وادٍ غير ذي زرعٍ عند قلبك المحرّم كل ما فيه يباس إلا بقايا حفر الحشرات النبيلة. تلك التي ادّخرت كل شيءٍ في حفرها بانتظار الشتاء. ألم أكن يوماً ما صالحاً لأن أتحول إلى حشرةٍ أليفة لأستطيع الدخول إلى حجرات قلبك؟ وأدّخر داخله كل الفصول الجميلة لأقدّمها لك جمعاء؟ أنت تمنحيني الشيء الذي لا أريده معك حتى الآن. هو ذاته الشيء الوحيد الذي لم أحيا لأجله أيضاً حتى الآن. ثمة أشياء توهب لا تكفي لسد احتياجي الخاص، ولا العام من الشعور بقيمة الذات، ولا بخشية الغيب. إمّا أن أقوم من مقامي لأجد عرشي كأنه هو، أو منكراً بين يديك، أو أمضي تاركاً داخلي عرشكِ كما هو، لم أمسسه بسوء، ولم أحاول الوصول إلى علمٍ من الكتاب لإحضاره قبل أن تقومين من مقامك. هناك ما يجعلني أسعل من قلبي طويلاً. هناك ما يشعرني بسوء في تماثلي للحياة، أو رؤية الطريق الواضح. لم أستطع الحصول على فاكهة التمييز بين الأصناف، ولا بين ما أشاء منك، ولا ما أستطيع أن أهبه لك حتى هذه اللحظة. غدوتُ مثل سنجاب بيده حبّة فول وحوله سبعة من إخوته، ويحبهم جميعاً ولا يعلم مع من يتقاسمها أولاً!.
أخشى عليَّ معك من كل شيء. وأولى هذه الأشياء أن ترفضين السكن معي في أحد أحيائي العشوائية القديمة. شأنك شأن امرأةٍ جديدة تحبُّ كل شيء خاصٍ بها، خالٍ من حكايات القدامى، والبؤساء، وحفريات الشوارع الخلفية الدائمة. أخشى أن لا تقبلين بنائي المتواضع، وتطالبين بإبادةٍ جماعية لجميع المساكين داخلي، وجميع السُكّان الأصليين فوق صدري، وإزهاق كل نفسٍ ترينها تأخذني إلى البعيد عنك إيماناً بقوله تعالى: "كل نفسٍ ذائقة الموت". أشمُّ فيك رائحة الطبيعة العظمى الطيّبة. ومع هذا أكاد أجزم برائحة استعبادك للأشياء، واحتواءك التام لخصوصياتك الخالية من التشارك، والتقاسم. أعلم أنه ليس بإمكاني التحول معك إلى مشعوذٍ هام، لأدخل إلى شرايينك وأجلس بها؛ لأتعرّف على حقائقك، وواقعك، وكل ما يجول بخاطرك؛ لن أرضى دور المشعوذين هذا؛ لأنني لن أقنعك بي إلا وأنا رجل طبيعي بكامل مشاعره العقلية، ذكر ** خالص من كل الشوائب المحرّمة.
ليس لديّ أدوار بطولية معك حتى الآن. كل ما أرغب فيه. الحصول على نكهتك، ولو بمقدار غرفةٍ واحدة، فقد استثنى الله تعالى: "إلا من غرف منه غرفة واحدة" وأظنك نهرٌ ضخم، لن أتجرّأ على الاغتراف منه، وإن حاولتُ سيكلفني ذلك كثيراً من الخيبات، وشيء من المآسي العِظام. فيما أنا أشعر الآن بكل عظمٍ فيك، وأسمع صوت أزيزه الطويل، الراغب في تلاصقه بي، والتحامه معي حتى الشغب الأخير. ركنك بعيد، ويديّ تقترب، وبكل مرةٍ تقترب أجدها أبعد مما وصلت إليه. أخاف أن تُبتر. عندها لن أرسمك إلا بلساني التي أخشى عليك من سماعها، والإنصات لصوتها الذي يحمل فيه الكثير من اللغات، والقليل من الاعترافات، ومخزون هائل من الإيمان بك حتى الآن.

جابر محمد مدخلي


 
 توقيع : جابر محمد مدخلي


إلهي منحتني نعمة الكلام ، إلهي فاجعل آخره الشهادة...


رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47