رد: ما بين "ربّما" و التّفاصيل
أدرك _ عن تجربة مريرة_ ما يعنيه أن تخترق طائرة حربية جدار الصوت, لتحيل السماء _التي لطالما كنت ترمقها و قد تزينت بأحلامك و آمالك و أسرارك_ إلى مساحة سوداء, كغيمة ثقيلة عالية الكثافة تمطر الموت بشكل عشوائي على الأرض, فتارة صديق و تارة جار, و لولا لطف الله بك لكنت أنتَ أيضا..
أعي _ بكامل الإدراك_ ما يجوب في عقل و قلب من ينتظر _ بغير حول و قوة_ ما يكون من أمر تلك الطائرة و هي تمارس هوايتها بقتل الأبرياء, و أعلم كيف يمر شريط الحياة _ بماضيها متداخلاً و حاضرها و مستقبلها في بعثرة شعورية لا تصفها ربكة و لا تشرحها حالة مفردة_ فلا يمكنني إلا أن أكون في صفّ الإنسان, بغض النظر عن السياسة و أحكامها و قذارتها, فلطالما كان و سيبقى البشر مطية لفئة قليلة تحكم أحلامهم و تسيّرها خدمة لمآربها.
لا يمكنك أن تكون إنساناً في موضع و وحشاً في موضع آخر, فالإنسانية لا تتجزأ, و الأمر ليس برفاهية للاختيار إنما هو مبدأ يحكم ميزانك الداخلي اتزاناً لشخصك, و ثباتاً لانتمائك إلى ما فطرك الله عليه من خلق سويّ.
|