https://f.top4top.io/p_1926s7vck4.gif
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كمواطن سوريّ, فلي و رمضان ذكريات تختلف عن مثيلاتها في بقية الأرض العربية, فإني لست أنسى_ ما حييت_ أن طائرات المجرم المعتوه كانت تنقض علينا قبيل الإفطار بخمس دقائق, فإذا بموائدنا تتحول إلى جلسات عزاء, نشيح عن إفطارنا لنركض في الطرقات و في الأزقة نفتش عن شهيد أو جريح, و بعضنا جريح و حتى أنه لا يلحظ ذلك , فهو منشغل عن جراحه بمهمة اللحاق بجراح الآخرين, و ذلك كله, على مرأى و مسمع من العالم الإنساني المتحضر, الذي هبّ نصرةً " لأوكرانيا" بينما صمّ و عمي عن مجازرَ تقشعر لها الأبدان في وطني!
و ليست سورية وحدها, بل سبقتها أختها الحبيبة فلسطين, و التي ما زالت تستقبل رمضان و الأيادي على الزناد, ما بين فرحة بلقاء الشهر المبارك, و ترقب لغدر العدو الغاشم, و لكم امتزج صوت مدفع الإفطار بصوت أزيز طائرة فقذيفة تحمل الموت لتلقيه, أما أين و متى, فتلك حكاية أخرى لا يدركها إلا من عاش الموقف, حيث الأعين نحو السماء و القلوب عند الأحبة!
لا يمكنني أن أكون طبيعياً و أنا أستقبل رمضان المبارك, فلي ذاكرةٌ مليئة بقوائم بأسماء الشهداء, و قد كان كلّ منا مشروع لشهيد, إنما أحاول أن ألقي بحمل قلبي و ذاكرتي في حضرة رحمة الله و كرمه, لعل القادم _ بإذنه تعالى_ فرجٌ فخلاص لكل المظلومين.
رمضاننا مختلف يا أصدقاء, و لن يفهمني إلا من يقتسم و إيّاي تفاصيل المشهد, وحده من يدرك عمّ أتحدث, فلا قدرة للكلمات على وصف المشاعر التي تهاجمك_ دفعة واحدة_ كسيل من لا شيء, لا تدري كيف و متى و من أين جاء!
و لأن الحياة تستمر, فإني أدعو الله لنا و لكم بأن يكون شهر رمضان المبارك, شهراً ينشر المغفرة و الرحمة علينا كما تنشر الشمس أشعتها في صباح يوم ربيعي.
و لأهلي في سورية الوطن, كما لأهلي في فلسطين الوطن؛ دعائي لله, بأن يجعل بينهم و بين عدوهم حجاب فلا يظهر عليهم؛ بل يظهرون فينتصرون.
تقبل الله منا و منكم العمل و الطاعة.
دمتم بخير جميعا.
|